للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ها هي رسالة امتحان، تأتي لصلاح الدين من أحد المسلمين على لسان المسجد الأقصى الأسير في يد الصليبين يوم ذاك، واليهود اليوم مع الصليبيين، تقول الرسالة وهي امتحان واختبار لصلاح الدين:

يا أيها الملكُ الذي ... لمعالمِ الصلبانِ نَكَّسْ

جاءَتْ إليكَ ظِلامَةٌ ... تسعَى مِن البيتِ المقدسْ

كلّ المساجِدِ طُهِّرَتْ ... وأنا ـ على شرفي ـ مُنَجَّسْ

امتحان لصلاح الدين قام صلاح الدين فيه يصوم نهاره، ويقوم ليله، ويشحذ هِمَمَ الأمة الإسلامية، ويصدر أوامره ألا يضحك أحد، ولا يمزح أحد، ولا يفكر أحد إلا باسترداد بيت المقدس، ويقودها حملة لا تبقي ولا تذر بعد استعداد جيد للامتحان، فيدمر الصليب، ويحرر فلسطين والمسجد الأقصى؛ ليكون قدوة لمن يريد استعادة الأقصى السليب.

ثم ماذا بعد صلاح الدين أيها الأخوة؟ استيقظ اليهود يوم نِمْنَا فدنَّسوه، ودخلوا إلى قبر صلاح الدين ورفسوه، وقالوا: ها قد عدنا يا صلاح الدين، فبعد صلاح الدين مؤامرات على أقصانا، بغى اليهود، ولكنّا أحسنَّا الصياح.

إن أسئلة الامتحان التي قُدِّمت لصلاح الدين، أسئلة الآن تُقدَّم لنا، لكن صلاح الدين حلَّ الأسئلة بنفسه، ونحن أحلنا حلَّ الأسئلة إلى غيرنا، فكان ما كان.

سقَوْا فِلَسْطينَ أحلامًا منوِّمَة ... وأطعموها سخيفَ القولِ والخُطَبِ

لكن يا عباد الله: لا يأس، لا قنوط، سَتُحلُّ الأسئلة، وستبقى طائفة على الحق؛ لتقود الأمة ليعود الأقصى، وتعود فلسطين والعاقبة للمتقين.

لا يَأسَ يسكُنُنَا فإنْ كَبُرَ الأسَى ... وبغَي فإنّ يقينَ قلبِي أكبرُ

في منهجِ الرحمنِ أمْنُ مخاوفي ... وإليه في ليلِ الشدائدِ نجأرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>