للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدُ، مَنْ أدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأدْخِلَ النَّارَ فَأبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَّلّ عَلَيْكَ فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأبْعَدَهُ اللهُ قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» (صحيح رواه الطبراني).

فهل تعجب أخي المؤمن أن جبريل ملك الوحي يقول في هذا الحديث وفيما رواه مسلم «مَنْ أدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ ولَمْ يُغْفَرْ لَهُ بَاعَدَهُ اللهُ فِي النَّارِ» ثم يؤمِّن خليل الرحمن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وآله وسلم - على دعائه؟!

وأي عجب ورمضان فرصة نادرة ثمينة فيها الرحمة والمغفرة ودواعيها متيسرة والأعوان عليها كثيرون وعوامل الفساد محدودة ومردة الشياطين مصفَّدون ولله عتقاء في كل ليلة وأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النيران مغلقة فمن لم تنله الرحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذن؟! ومن لم يكن أهلًا للمغفرة في هذا الموسم ففي أي وقت يتأهل لها، ومن خاض البحر اللجاج ولم يَطَّهَّرْ فماذا يطهره؟!.

لقد بيَّن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وآله وسلم - اختلاف سعى الناس في الاستعداد لرمضان فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - مَا مَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ قَطُّ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ، وَمَا مَرَّ بِالْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ قَطُّ أَشَرُّ لَهُمْ مِنْهُ، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِنَّ اللهَ لَيَكْتُبُ أَجْرَهُ وَنَوَافِلَهُ، وَيَكْتُبُ إِصْرَهُ وَشَقَاءَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ، وَذَاكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ فِيهِ الْقُوَّةَ مِنْ النَّفَقَةِ لِلْعِبَادَةِ، وَيُعِدُّ فِيهِ الْمُنَافِقُ ابْتِغَاءَ غَفَلَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَوْرَاتِهِمْ فَهُوَ غُنْمٌ لِلْمُؤْمِنِ يَغْتَنِمُهُ الْفَاجِرُ». (صحيح رواه الإمام أحمد).

قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَذَاكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ فِيهِ الْقُوَّةَ مِنْ النَّفَقَةِ لِلْعِبَادَةِ» أي ما يقويهم عليها في رمضان كادخار القوت وما ينفقه على عياله فيه؛ لأن اشتغالهم بالعبادة فيه يمنعهم من تحصيل المعاش أو يقلل منه، فقيام الليل يستدعي النوم بالنهار، والاعتكاف يستدعي عدم الخروج من المسجد، وفي هذا تعطيل لأسباب المعاش، فهم يُحصلِّون القوت وما يلزم لأولادهم في رمضان قبل حلوله ليتفرغوا فيه للعبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>