للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان جبريل يدارس النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - القرآن في رمضان، وعارضه في عام وفاته مرتين (رواه البخاري ومسلم)، وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ {الم} حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ». (صحيح رواه الترمذي).

وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة المصحف.

وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن.

وقال الزهري: «إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام».

(٣) قيام رمضان: فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سدد خطاكم قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يُرَغِّبُ فِى قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنٍْ ذَنْبِهِ» (رواه البخاري ومسلم).

(٤) الصدقة: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» (رواه البخاري ومسلم).

ومن صور الصدقة إطعام الطعام، وتفطير الصُوّام، قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» (صحيح رواه الترمذي)، فإن عجز عن عَشائه فطَّره على تمرة أو شربة ماء أو لبن، وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اتَّقُوا النَّارَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (رواه البخاري ومسلم).

وعن عليّ - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا».

فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى للهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» (حسن رواه أحمد والترمذي).

(غُرَفًا) جَمْعُ غُرْفَةٍ، أَيْ عَلَالِيَّ فِي غَايَةٍ مِنْ اللَّطَافَةِ وَنِهَايَةٍ مِنْ الصَّفَاءِ وَالنَّظَافَةِ (تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا) لِكَوْنِهَا شَفَّافَةً لَا تَحْجُبُ مَا وَرَاءَهَا.

(لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَام):الْمَعْنَى لِمَنْ لَهُ خُلُقٌ حَسَنٌ مَعَ الْأَنَامِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}، فَيَكُونُ مِنْ عِبَادِ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا. الْمَوْصُوفِينَ بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}.

(وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ) لِلْعِيَالِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْأَضْيَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

(وَأَدَامَ الصِّيَامَ) أَيْ أَكْثَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ تَابَعَ بَعْضَهَا بَعْضًا وَلَا يَقْطَعُهَا رَأْسًا، قَالَهُ اِبْنُ الْمَلَكِ. وَقِيلَ أَقَلُّهُ أَنْ يَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {بِمَا صَبَرُوا} صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الصَّوْمِ

(وَالنَّاسُ) أَيْ غَالِبُهُمْ (نِيَامٌ) جَمْعُ نَائِمٍ أَوْ غَافِلُونَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا رِيَاءَ يَشُوبُ عَمَلَهُ وَلَا شُهُودَ غَيْرُ اللهِ، إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} الْمُنْبِئُ وَصْفُهُمْ بِذَلِكَ عَنْ أَنَّهُمْ فِي غَايَةٍ مِنْ الْإِخْلَاصِ لله.

وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَفْشِ السَّلَامَ، وَأَطِبْ الْكَلَامَ، وَصِلْ الْأَرْحَامَ، وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلْ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (صحيح رواه أحمد والحاكم).

وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «صَنَائِعُ الَمعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِ تُطْفِيءُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فٍي العُمْرِ». (حسن رواه الطبراني).

وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر، وداود الطائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه، فلم يفطر في تلك الليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>