للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: أَنَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» (رواه مسلم).

• عباد الله سيأتي الموت على الجميع:

كم من أخ نعرفه صام معنا وقام في رمضان الماضي وما قَبله، ثمّ صار إلى عالَمِ الدود واللحود، بعد أن استلّه هاذم اللذّات من بينِنَا، وسيأتي الموت على الجميع، إن عاجلًا وإن آجلًا.

تَمُرُّ بنا الأيامُ تَتْرَى وإنَّمَا نُسَاقُ إلى الآجالِ والعينُ تنظرُ

فليسَ عن لُقيا المنيّةِ صارفٌ وليس مَن يدرِي الأوانَ فيُنذِر

يا نفسُ فالتمِسِي النجاةَ بتوْبَةٍ ... فبِتَوْبَتِي نَحْوَ النجاةِ سأبْحِرُ

فهلّا اغتنمنا هذه الفرصة للتزوّد، فإنّ خير الزاد التقوى، وهي الغاية الكبرى من مشروعيّة الصيام قال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة ١٨٣) فالصائم الصادق الصالح هو الذي يتّقي الله في صومه، فيصوم جوفه، وفرجه، وسائر جوارحه، صومًا يكفّه عن المعاصي، ويحجزه عن الحرمات، فلا يقول إلاّ خيرًا، ولا يسمع إلاّ خيرًا، ولا يفعل إلاّ خيرًا، ويُقلِع عن قول الزور والعمل به، فمن لم يكن كذلك فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، كما صحّ بذلك الخبر عن خير البَشَر فيما رواه الإمام البخاري في (صحيحه).

كيف لا، وللصيام منزلة رفيعة بين العبادات، ففي الحديث القدسي الذي رواه الشيخان يقول الله - عز وجل -: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، والحكمة في ذلك أنّ الصوم سرٌ بين العبد وبين ربه، لا يطلع عليه أحد سواه، وقيل: «فإنّهُ لِي» أي لم يُتَعَبَّد أحد بمثله إلا أنا، فالعباد يركعون لبعضهم ويسجدون، وينفقون تزلفًا وتملّقًا، ويقصد بعضهم بعضًا، إلى غير ذلك مما يصرفه بعضهم لبعضٍ من الأعمال، أمّا الصوم فلا يُعرَف أنّ أحدًا يصوم لأحدٍ غيرِ الله - عز وجل -.

<<  <  ج: ص:  >  >>