وقوله تعالى:{إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ} أي يختبركم فتعرض لكم هذه الأحوال وتجدون أنفسكم تميل إليها، ثم تذكرون نهي ربكم عن نقض الأيمان والعهود فتتركوا ذلك طاعة لربكم أولًا تفعلوا إيثارًا للدنيا عن الآخرة، {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} ثم يحكم بينكم ويجزيكم، المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
* احذر الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة فإن ذلك علامة مقت وخسران، فالعيد بقاء على الخير وثبات على الجادة واستمرار في الطريق قال بعض أصحاب سفيان الثوري: خرجت مع سفيان يوم العيد فقال: «إن أول ما نبدأ به يومنا هذا غض البصر».
* حذار حذار من جلساء وأصحاب السوء واصطحاب آلات اللهو في المتنزهات والاستراحات والعكوف عليها، قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ»(رواه البخاري).
لا تنس أيها الأخ الحبيب أن رب رمضان هو رب الشهور .. واستمر على الطاعة واسأل الله عز وجل الثبات على هذا الدين حتى تلقاه، وأعلم أن نهاية وقت الطاعة والعبادة ليس رؤية هلال العيد كما يتوهم البعض بل هو كما قال الله عز وجل:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}(الحجر:٩٩). واليقين هو الموت .. قال بعض السلف: ليس لعمل المسلم غاية دون الموت.
وقال الحسن: أبَى قوم المداومة، والله ما المؤمن بالذي يعمل شهر أو شهرين أو عام أو عامين، لا والله ما جعل لعمل المؤمن أجل دون الموت.
وقرأ عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس على المنبر:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}(فصلت:٣٠). فقال: استقاموا والله بطاعة الله ثم لم يروغوا روغان الثعلب.