برَزْنَ نحوَكَ للتسليمِ خاشعةً أبصارُهن حسيراتٍ مكاسيرَا
يَطَأنَ في الطينِ والأقدامُ حافيةٌ كأنّها لم تطَأ مِسْكًا وكافورَا
مَن باتَ بعدَك في مُلكٍ يُسَرُّ به فإنما باتَ بالأحلامِ مسرورَا
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل:١١٢).
• العيد فرصة لتحسين العلاقات وتسوية النزاعات وجمع الشمل ورأب الصدع وقطع العداوات المستشرية:
ورحم الله من أعان على إعادة مياه المودة إلى مجاريها؛ فاجعل هدية العيد لهذا العام عفو وصفح وغفران، قال - عز وجل -: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التغابن:١٤) ما أجمل أن يكون العيد فرصة لصلة المتهاجرين والتقاء المتقاطعين.
إن الرجل الكريم هو من يعفو عن الزلة ولا يحاسب على الهفوة حاله كما قيل:
وإنّ الذي بينِي وبينَ بَنِي أخِي وبينَ بنِي عمّي لمختلفٌ جِدَّا
إذا نَهَشُوا لحمِي وَفَرْتُ لحومَهم وليس زعيم القومِ مَن يحملُ الحِقْدَا
(وَفَرْتُ: حميتُ وصُنْتُ).
ليس زعيم القوم من يحمل الحقدا، ليس كريمًا ولا عظيمًا ولا سيدًا من يجمع الأحقاد ويحمل الضغائن ويداوم على الجفاء والقطيعة. إنه لابد لتحسين العلاقات من نفوس كبيرة تتسع لهضم البغضاء وقضم العداوات؛ {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (الشورى: ٣٧).
لقد دعا الإسلام إلى احتواء النزاعات بفعل المعروف ـ خاصة مع الأقارب ـ واعتبر ذلك من أفضل البر فعن أم كلثوم بنت عقبة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «أفْضَلُ الصَّدَقَةِ: الصَدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» (صحيح رواه أحمد وغيره).
الكاشِحُ: العَدُوُّ الذي يُضْمِر عَداوَته ويَطْوي عليها كَشْحَه: أي باطِنَه.
يعني أفضل الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه فالصدقة عليه أفضل منها على ذي الرحم الغير كاشح لما فيه من قهر النفس للإذعان لمعاديها.
فأصلحوا ذات بينكم، ولا يصدنكم الشيطان، فإنه قد يزين للمسلم أن هذا التنازل عن الحقوق والصفح عن الهفوات نوع ضعف وعجز ومهانة وأن يقال في المسلم ذلك خير له من أن يقع في بحور القطيعة وخطيئة فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» (رواه البخاري ومسلم).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» (رواه مسلم).
وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا» (رواه البخاري ومسلم). (وَلَا تَدَابَرُوا) التَّدَابُر الْمُعَادَاة، وَقِيلَ: الْمُقَاطَعَة؛ لِأَنَّ كُلّ وَاحِد يُوَلِّي صَاحِبه دُبُره.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا تَتَهَاجَرُوا فَيَهْجُر أَحَدكُمْ أَخَاهُ، مَأْخُوذ مِنْ تَوْلِيَة الرَّجُل الْآخَر دُبُره إِذَا أَعْرَضَ عَنْهُ حِين يَرَاهُ، وَالْحَسَد تَمَنِّي زَوَال النِّعْمَة، وَهُوَ حَرَام.
وَمَعْنَى (كُونُوا عِبَاد اللهِ إِخْوَانًا) أَيْ تَعَامَلُوا وَتَعَاشَرُوا مُعَامَلَة الْإِخْوَة، وَمُعَاشَرَتهمْ فِي الْمَوَدَّة وَالرِّفْق، وَالشَّفَقَة وَالْمُلَاطَفَة، وَالتَّعَاوُن فِي الْخَيْر، وَنَحْو ذَلِكَ، مَعَ صَفَاء الْقُلُوب، وَالنَّصِيحَة بِكُلِّ حَال.
• معاشر النساء:
أَجِبْنَ نداء الله لَكُنَّ حيث قال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ} (الأحزاب: ٣٣) إنها آية عظيمة جامعة لو تأملَتْها المرأة وعملت بها لحازت خير الدنيا والآخرة.
إن الأصل في المرأة قرارها في البيت إذ هي نور أركانه وسكون أرجائه والخروج من البيت أمر طارئ لا يكون إلا لحاجة البيت هو وظيفة المرأة الأساس فما بالنا نرى