للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسلم). قَوْله: «اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْت بِمَكَّة مِنْ الْبَرَكَة» أَيْ مِنْ بَرَكَة الدُّنْيَا.

وأيضًا مما ورد في الشرع بركته أرض الشام، فأرض الشام أرض مباركة؛ قال - عز وجل - في شأن انتقال بني إسرائيل إلى الشام: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} (الأعراف: ١٣٧)، وقال تعالى مخبرًاعن هجرة إبراهيم ولوط سدد خطاكم إلى الشام {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: ٧١).وقال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء: ١).

فأرض الشام أرض مباركة، ولقد دعا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للشام واليمن بالبركة فعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا» (رواه البخاري).

وكون الرجل من غير هذه البلاد لا يستلزم أنه مذموم إذا كان صالحًا في نفسه، والعكس بالعكس. فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر، والفضيلة الدائمةُ في كلِّ زمانٍ ومكان بالإيمانِ والعمل الصّالح، وأيّ مكانٍ وعمل كان أعونَ للشّخص كان أفضلَ في حقِّه، فإن الْأَرْضَ لا تُقَدِّسُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الْمَرْءَ عَمَلُهُ.

بركة بعض الأزمنة:

لقد اصطَفى الله من الدهرِ أزمنةً، خصّها بالتشريف والبركة.

بركة البكور:

النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - دعا لأمته بالبركةِ في البكور، فَعَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ سدد خطاكم عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»، قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>