للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بركة الخيل:

وهذه البركة لارتباطها بالجهاد في سبيل الله، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الأنفال: ٦٠). وعن عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ سدد خطاكم أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ» (رواه البخاري). وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» (رواه البخاري).

(اَلْبَرَكَة فِي نَوَاصِي اَلْخَيْلِ) اَلْخَيْل اَلْمُرَادُ بِهَا مَا يُتَّخَذُ لِلْغَزْوِ بِأَنْ يُقَاتَلَ عَلَيْهِ أَوْ يُرْتَبَط لِأَجْلِ ذَلِكَ لِقَوْلِه ِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ.

فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، وَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنْ الْمَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا فَهِيَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ وِزْرٌ» (رواه البخاري).

(اَلْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ) وَجْه اَلْحَصْرِ فِي اَلثَّلَاثَةِ أَنَّ اَلَّذِي يَقْتَنِي اَلْخَيْل إِمَّا أَنْ يَقْتَنِيَهَا لِلرُّكُوبِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَكُلّ مِنْهُمَا إِمَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ فِعْلُ طَاعَة اَللهِ، وَهُوَ اَلْأَوَّلُ وَمَعْصِيَتُهُ وَهُوَ اَلْأَخِيرُ أَوْ يَتَجَرَّدُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ اَلثَّانِي. (فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ) شَكٌّ مِنْ اَلرَّاوِي، وَالْمَرْج مَوْضِع اَلْكَلَأ، وَأَكْثَر مَا يُطْلَقُ عَلَى اَلْمَوْضِعِ اَلْمُطَمَئِنِّ وَالرَّوْضَةُ أَكْثَر مَا يُطْلَقُ فِي اَلْمَوْضِعِ اَلْمُرْتَفِعِ. (فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا) هُوَ اَلْحَبَل اَلَّذِي تُرْبَطُ بِهِ وَيُطَوَّلُ لَهَا لِتَرْعَى. وَيُقَالُ لَهُ طُوَلٌ بِالْوَاو اَلْمَفْتُوحَةِ أَيْضًا.

وَقَوْله: «وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا» فِيهِ أَنَّ اَلْإِنْسَانَ يُؤَجَرُ عَلَى اَلتَّفَاصِيلِ اَلَّتِي تَقَعُ فِي فِعْل اَلطَّاعَة إِذَا قَصَدَ أَصْلهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلْكَ اَلتَّفَاصِيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>