للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف يريد أهل قرية البركة في حياتهم ومعاشهم، وما يزال الربا قائماً بين أظهرهم؟ كيف يريد أهل قرية بركات من السماء والأرض وما يزال هناك مظلومون، وما يزال الغش وما تزال البدع قائمة؟ كيف تحصل البركة لأهل قرية، وفُسَّاقُها أكثر من صالحيها، ومنكرها أكثر من معروفها؟ من أين تأتي البركة لأهل قرية وما يزال هناك نقص كبير في عدد المصلين وعدد المزكين، وعدد التائبين؟

فإن لم يتغمد الله هذه القرية برحمته، فإنها مُقْدِمة والعياذ بالله على دمار وهلاك.

إن من أسباب محق البركة وجود ضعاف الإيمان الذين لا يرجون لله وَقَارًا، ويعصونه ليلاً ونهارًا، ويخالفون أمره سرًا وجهارًا، ويتبعون من لم يزده ماله وولده إلا خسارًا، لا يقيمون لأوامر الدين ونواهيه وزنًا، ولا يعطونها اهتمامًا ولا قدرًا، تأتي عندهم في المرتبة الأخيرة من اهتماماتهم، وتجيء في مؤخرة أولوياتهم.

إذا أظهَر العبادُ ذنوبًا تتابعَت عليهم العقوبات، وكلّما قلّتِ المعاصي في الأرض ظهرَت فيها آثار البركة من الله، وانتشارُ المعاصي وفشوّها سببٌ لنزع الخيراتِ والبركات، قال - عز وجل -: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧)} (الجن: ١٦ - ١٧).

ومن عقوبات المعاصي أنها تمحق بركة العمر وبركة الرزق وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة وبالجملة أنها تمحق بركة الدين والدنيا فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصي الله، وما محت البركة من الأرض إلا بمعاصى الخلق.

وعُمر العبد هو مدة حياته ولاحياة لمن أعرض عن الله واشتغل بغيره بل فحياة البهائم خير من حياته فإن حياة الانسان بحياة قلبه وروحه ولاحياة لقلبه إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده أو الإنابة اليه والطمانينة بذكره والأُنس بقربه ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض به الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>