للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمسِ مع الظُّهْرِ، أو من عندِ زوالِها إلى العَصْرِ لأنَّ الناسَ يَسْتَكِنُّونَ في بُيُوتِهِمْ كأَنَّهُم قد تَهاجَرُوا، وشدَّةُ الحَرِّ.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سدد خطاكم قَالَ: «لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ فَقَالَ: «احْلِقْ»، فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ: «اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ» (رواه مسلم). (نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ): أي ناول الحلاق.

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَنْهُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. (رواه مسلم).

وفي رواية عَنْها - رضي الله عنها - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ؛ لأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِى». (رواه مسلم).

وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يتبركون بثياب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومواضع أصابعه، وبماء وضوئه، وبفضل شربه، ويتبركون بالأشياء المنفصلة منه: كالشعر، والأشياء التي استعملها وبقيت بعده: كالآنية، والنعل، وغير ذلك مما اتصل بجسده - صلى الله عليه وآله وسلم - (١).


(١) الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مبارك، جعل الله فيه البركة، وهذه البركة نوعان:
أ- بركة معنوية: وهي ما يحصل من بركات رسالته في الدنيا والآخرة، لأن الله أرسله رحمة للعالمين، وأخرج الناس من الظلمات إلى النور, وأحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث، وختم به الرسل، ودينه يحمل اليسر والسماحة.
ب- بركة حسّيّة، وهي على نوعين:
النوع الأول: بركة في أفعاله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهي ما أكرمه الله به من المعجزات الباهرة الدالة على صدقه.
النوع الثاني: بركة في ذاته وآثاره الحسية: وهي ما جعل الله له - صلى الله عليه وآله وسلم - من البركة في ذاته؛ ولهذا تبرك به الصحابة في حياته، وبما بقي له من آثار جسده بعد وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>