الإنسان يعيش في شعور دائم بميزاته فينحرف به ذلك الشعور إلى الغرور ولهذا لما قال الراهب للغلام:«أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي»، قال له:«وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى».
السرية والكتمان:
«فَإِنْ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ». وهذه هي فكرة السرية في منهج الدعوة.
وقد كانت السرية مرحلة أساسية في تاريخ الدعوة منذ بدايتها؛ فهذا نوح - عليه السلام - يقول {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩)} (نوح: ٨ - ٩).
وتكشف لنا آيات القرآن إيمانَ رَجُلً من آل فرعون:{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}(غافر: ٢٨). فقد كان الرجل من آل فرعون واستطاع أن يكتم إيمانه.
وأيضًا زوجة فرعون نفسه كانت تكتم إيمانها؛ {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١)} (التحريم: ١١). وذلك دون أن يدري فرعون.