للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك لا يخضع نظام البشر للأهواء فيفسد ويختل: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} (المؤمنون:٧١) إنما يخضع للحق الكلي، ولتدبير صاحب التدبير.

وهذه الأمة التي جاء لها الإسلام كانت أوْلى الأمم باتباع الحق الذي يتمثل فيه. ففوق أنه الحق هو كذلك مجد لها وذكر. وما كان لها من ذكر لولاه في العالمين: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} (المؤمنون: ٧١).

وقد ظلت أمة العرب لا ذكر لها في تاريخ العالم حتى جاءها الإسلام. وقد ظل ذكرها يُدَوّي في آذان القرون طالما كانت به مستمسكة. وقد تضاءل ذكرها عندما تخلت عنه، فلم تعد في العير ولا في النفير. ولن يقوم لها ذكر إلا يوم أن تفيء إلى عنوانها الكبير. قال تعالى: { ... لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء: ١٠). وقال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤)} (الزخرف: ٤٣ - ٤٤).

{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} فعلًا، واتّصافًا بما يأمر بالاتصاف به، ودعوةً إليه، وحرصًا على تنفيذه في نفسك وفي غيرك. {إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} مُوَصِّلٍ إلى الله وإلى دار كرامته، وهذا مما يوجب عليك زيادة التمسك به والاهتداء إذا علمت أنه حق وعدل وصدق، تكون بانيًا على أصلٍ أصيل، إذا بَنَى غيرك على الشكوك والأوهام، والظلم والجور.

{وَإِنَّهُ} أي: هذا القرآن الكريم {لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أي: فخر لكم، ومنقبة جليلة، ونعمة لا يُقَادر قدْرُها، ولا يُعرَف وصْفُها، ويذكركم أيضًا ما فيه الخير الدنيوي والأخروي، ويحثكم عليه، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه، {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عنه: هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم، وكفرًا منكم

<<  <  ج: ص:  >  >>