للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرسلين - عليهم السلام - كشف طريق الضلال لئلا يلتبس بطريق الحق. فكان النبي يقول لقومه: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} (الشعراء: ١٥١ – ١٥٢). واستبانة سبيل المجرمين هي من مقاصد القرآن: قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (الأنعام:٥٥). فمن مهمات الدعوة الإسلامية على مدى الزمن أن تزيل أي التباس أو غموض قد يصيب الناس، فيلبسون المنافق ثوب المؤمن الصادق، أو يلبسون المبتدع الضال ثوب المتّبِع المهتدي.

من الإفساد استضعاف المؤمنين وتعذيبهم:

قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤)} (القصص: ٤).

{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} في ملكه وسلطانه وجنوده وجبروته، فصار من أهل العلو فيها، لا من الأعلين فيها.

{وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي: طوائف متفرقة، يتصرف فيهم بشهوته، وينفذ فيهم ما أراد من قهره، وسطوته.

{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} وتلك الطائفة، هم بنو إسرائيل، استضعفهم بحيث إنه رأى أنهم لا مَنَعة لهم تمنعهم مما أراده فيهم، فصار لا يبالي بهم، ولا يهتم بشأنهم، وبلغت به الحال إلى أنه {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} فلا يقتلهن، يفعل ذلك خوفًا من أن يكثروا، فيغمروه في بلاده، ويصير لهم الملك.

{ ... إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} الذين لا قصد لهم في إصلاح الدين، ولا إصلاح الدنيا، وهذا من إفساده في الأرض.

من الإفساد التخريب والتدمير:

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>