وإذا كانت الدولة الإسلامية دولة قانون، وقانونها هو شرع الله - الإسلام - فإنَّ أي خلاف ينشب يكون مرجعه إلى هذا الشرع، لا إلى شيء غيره، قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}(النساء: ٥٩).
والمُحِقّ مَن كان الحق بجانبه ببرهان من الشرع ومن ثم تكون الدولة بجانبه وإن كان ضعيفًا، والمُبْطِل مَن لم يكن الحق بجانبه ببرهان من الشرع ومِن ثَمّ تكون الدولة ضده وإن كان قويًا.
وإذا كانت الدولة الإسلامية دولة قانونية، خاضعة لسلطان الإسلام فإنَّ معنى ذلك أن الحكم الحقيقي والسلطان الحقيقي لمشرِّع هذا الإسلام وهو الله - سبحانه وتعالى - قال تعالى: ... {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}(يوسف: ٤٠).
مقاصد الحكم في الإسلام:
المقصد الأول: حراسة الدين:
ويقصد بالدين هنا بداهة الإسلام، فهو الدين المطلوب حراسته بالحكم. وحراسته تعني شيئين: حفظه وتنفيذه.
أولًا: حفظه:
وحفظ الإسلام يعني إبقاء حقائقه ومعانيه ونشرها بين الناس كما بلغها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وسار عليها صحابته الكرام - رضي الله عنهم - ونقلوها إلى الناس من بعده.
وعلى هذا لا يجوز أي تبديل أو تحريف في هذه الحقائق والمعاني؛ لأن التحريف والتبديل يدخلان في نطاق الابتداع المذموم في دين الله.
ولا يجوز التردد أبدًا في منع التبديل والتحريف بحجة حق الفرد في إبداء الرأي وحرية الفكر والاجتهاد؛ لأن الفرد إن كان مسلمًا فليس من حقه أن يبدل دين الله، وإذا اختار لنفسه الضلالة ولعقيدته الفساد فليس من حقه أبدًا أن يضل الآخرين أو يفسد عقائدهم.