قال: وكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر: أما بعد فإن المأمون أحله الله دار كرامته رآك لأكثر الذي أنت له فيه أهلاً وقد جمع الله لك إلى حسن رأيه كان فيك جميل رأيي لما محضته من حسن الطاعة وكرم الوفاء وشكر الإحسان، وقد اتصلت الأخبار بأنك في كفاية من أولياء أمير المؤمنين وأموال خراسان وفي منعة من خاصتك وعامتك عن أن ينالك عدوك أو أحد ممن يخالفك بسوء، فاكتب بشرح ذلك إلى أمير المؤمنين ليعرفه إن شاء الله. فلما وصل كتابه قال عبد الملك لكاتبه إسماعيل بن حماد: ما تقول في هذا الكتاب؟ قال: كتاب تعريض بأنك خارج من طاعته مالك أمر نفسك دونه. قال: فأجبه عنه. فكتب إليه: أما بعد يا أمير المؤمنين فإن حزب الله وإن قلوا وأنصار المؤمنين وإن ضعفوا فهم الغالبون، وما أنا بشيء في ملاقاة عدو أوثق مني بعز دولة أمير المؤمنين، فأما الأيدي فقليلة والأموال فنزرة وفي الله وفي أمير المؤمنين أعظم الغنى. فقبل عذره وحسن موقع كتابه منه.
قال: وكتب أحمد بن إسرائيل إلى الواثق، وقد عزله عن ديوان الخراج وأمر بتقييده ليصحح حساباته: يا أمير المؤمنين بم يستحق الإذلال من أنت بعد الله ورسوله موئل عزه وإليك مفزع أمله، ولم تزل نفسه راجية لابتداء إحسانك إليه وتتابع نعمك لديه، وعينه طامحة إلى تطولك عليه ورفعك منه والزيادة في الضيعة إليه، فهب له يا أمير المؤمنين ما يزينك واعف عما لا يشينك، فما به عنك معدل ولا على غيرك معول. فأمر بإطلاقه.
قال: وكتب جعفر بن محمد بن الأشعث إلى يحيى بن خالد يستعفيه من العمل: شكري لك على ما أريد الخروج منه شكر من نال الدخول فيه.
وكتب عليّ بن هشام إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي: ما أدري كيف أصنع، أغيب فأشتاق وألتقي فلا أشتفي ثم يحدث لي اللقاء نوعاً من الحرقة للوعة الفرقة.
وكتب معقل إلى أبي دلف: فلان جميل الحال عند كرام الرجال وأنت إن لم ترتبطه بفضلك عليه غلبك فضل غيرك عليه.
وكتب رجل إلى أخ له: أما بعد فقد بان لنا من فضل الله جل وعز ما لا نحصيه لكثرة ما نعصيه وما ندري ما نشكر أجميل ما نشر أم قبيح ما ستر أم عظيم ما أبلى أم كثير ما عفا، غير أنه يلزمنا في الأمور شكره ويجب علينا حمده، فاستزد الله من حسن بلائه بشكرك إياه على حسن آلائه.
وكتب رجل إلى أخ له: أوصيك بتقوى الله الذي ابتدأك بإحسانه وأتم عليك نعمه بأفضاله وصبر عليك مع اقتداره ولا يغررك إمهاله فإنه ربما كان استدراجاً، عافانا الله وإياك من الاغترار بالامهال فإنه ربما كان استدراجاً، عافانا الله وإياك من الاغترار بالامهال والاستدراج بالإحسان.
قال: وكتب أبو هاشم الحراني إلى بعض الأمراء: عوضي من أمل الأمير متأخر، والصبر على الحرمان متعذر.
وكتب رجل إلى محمد بن عبد الله: إن من النعمة على المثني عليك أن يخاف الإفراط ولا يأمن التقصير ولا يحذر أن تلحقه نقيصة الكذب ولاينتهي من المدح إلى غاية إلا وجد في فضلك عوناً على تجاوزها، ومن سعادة جدك أن الداعي لك لا يعدم كثرة المادحين ومساعدة من النية على ظاهر القول.
وكتب رجل إلى أبي عبد الله بن يحيى: رأيتني فيما أتعاطاه من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر المضيء الزاهر الذي لا يخفى على ناظر، وأيقنت أني حيث أنتهي من القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن إثناء عليك إلى الدعاء لك، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك.
قال: وكتب المهلب بن أبي صفرة إلى عبد الملك بن مروان لما هزم الشراة: أما بعد فإنا لقينا المارقة ببلاد الأهواز وكانت للناس جولة ثم ثاب أهل الدين والمروءة ونصرنا الله جل وعز عليهم ونزل القضاء بأمر جاوزت النعمة فيه الأمل فصاروا ردية رماحنا وضرائب سيوفنا وقتل رئيسهم في جماعة من حماتهم وذوي النيات منهم وجلا الباقون عن عسكرهم، وأرجو أن يكون آخر هذه النعمة كأولها تماماً وكمالاً، والسلام.
وكتب المهلب إلى الحجاج في فتح الأزارقة: الحمد لله الكافي بالإسلام ما وراءه الذي لا تنقطع مواد نعمته حتى ينقطع من خلقه مواد الشكر، وإنا كنا أُعطينا من الله جل وعز على عدونا حالين يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا ويسوءهم منا أكثر مما يسرهم، فلم يزل الله جل وعز يزيدنا وينقصهم ويعزنا ويخذلهم حتى بلغ الكتاب أجله وقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.