للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمستحبُّ أن يصلّي قاعداً بإيماء (١).

وإنّما يسقط عنه القيامُ إذا كان يزداد مرضُه أو وجُعه بالقيام، فإن لم يكن كذلك لكن يلحقه نوع مشقّةٍ لا يجوز له ترك القيام (٢)، فإن قدر على بعضِ القيام دون إتمامه يُؤمر بأن يقوم قدر ما يقدر، حتى إذا كان قادراً على أن يكبّر قائماً ولا يقدر على القيام للقراءة، أو كان قادراً على القيام لبعض القراءة دون تمامها يؤمر بأن يكبّر قائماً، ويقرأ قدر ما يقدر عليه قائماً، ثمّ يقعد إذا عجز، هذا هو المذهب الصّحيح (٣)

، وإن لم يقُم لا يجزئه صلاته، هكذا قال شمسُ الأئمة (٤).

ولو كان قادراً على القيام متكئاً يصلّي قائماً متكئاً ولا يجزئه غير ذلك، وكذا لو قدر على أن يعتمدَ على عصا، أو كان له خادمٌ لو اتّكأ عليه قدر على القيام فإنّه يقوم ويتكئ (٥).


(١) لأنّه أشبه بالسجود؛ لكون رأسه فيه أخفض وأقرب إلى الأرض، وهو المقصود.
يُنظر: الهداية ١/ ٧٧، الاختيار ١/ ٧٧، تبيين الحقائق ١/ ٢٠٢، البناية ٢/ ٦٤٤، البحر الرائق ٢/ ١٢٦.
(٢) لوجود الحرج في ازدياد المرض بالقيام، دون وقوع الحرج في لحوق نوع مشقة.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ١٠٥، تبيين الحقائق ١/ ٢٠٠، فتح القدير ٢/ ٣، الشُّرنبلاليّة ١/ ١٢٧، الفتاوى الهندية ١/ ١٣٦.
(٣) لأنّ حكم البعض كحكم الكل، بمعنى أن من قدر على كلّ القيام يلزمه، فكذا من قدر على بعضه، وهذا هو المصحح في التبيين والعناية والبحر، بل نقل عن العيني عن الطحاوي قوله: "هذا هو المذهب، ولا يروى عن أصحابنا خلافه".

يُنظر: المحيط البرهاني ٢/ ١٤١، تبيين الحقائق ١/ ٢٠٠، العناية ٢/ ٣، البناية ٢/ ٦٣٥، البحر الرائق ٢/ ١٢١، حاشية ابن عابدين ٢/ ٩٧.
(٤) المراد هنا شمس الأئمة الحلواني كما في المحيط البرهاني والعناية والهندية وغيرها، وهو كذلك في بعض النسخ كنسخة آيا صوفيا، وقد ذكر اللكنوي نقلاً عن الكفوي أن شمس الأئمّة عند الإطلاقِ في كتب الحنفية يرادُ به شمس الأئمّة السّرخسي، وفي ما عداه يذكرُ مقيداً كشمس الأئمّة الحَلْواني، وشمس الأئمّة الزَّرَنْجَريّ، وشمس الأئمّة الكَرْدَريّ، وشمس الأئمة الأُوزْجَنْدِيّ.
قلت: وهذا ليس على إطلاقه كما هنا.
يُنظر: المحيط البرهاني ٢/ ١٤١، العناية ٢/ ٣، الفتاوى الهندية ١/ ١٣٦، عمدة الرعاية ١/ ٧٤.
(٥) لما مرّ من أن من قدر على بعض القيام وجب عليه، ولأن قدرة غيره قدرة له.
يُنظر: المحيط البرهاني ٢/ ١٤١، العناية ٢/ ٣، الشُّرنبلاليّة ١/ ١٢٨ الفتاوى الهندية ١/ ١٣٦، حاشية الطحطاوي على المراقي ص ٤٣١.

<<  <   >  >>