للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في مصارف الزكاة]

وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية (١).

والفقير: من ليس له نصابٌ، وعنده ما يكفيه، ولا يَسأل الناس، والمسكين: الذي لا شيء له، ويَسأل النّاس، ولا يجد قوتاً (٢) (٣).

ولا يحلُّ السؤالُ لمن كان عنده قوتُ يومٍ، أو كان كسُوباً؛ لأنّ السُّؤال لا يجوز إلا للضرورة، ولا ضرورة (٤).

ويجوز صرفُ الزكاة إلى من لا يحل [له] (٥) السؤال إذا لم يملك نصاباً (٦).

وإن كانت له كتبٌ تساوي مائتي درهم؛ إلا أنّه يحتاج إليه للتدريس، أو التحفّظ، أو التصحيح، يجوز صرف الزكاة إليه، (ف) (٧) فِقهاً كان، أو حديثاً، أو أدباً، كثياب البِذلة، والمهنة؛ لأنها مشغولة


(١) سورة التوبة، من الآية (٦٠).
(٢) يُنظر: المبسوط ٣/ ٨، الهداية ١/ ١١٠، تبيين الحقائق ١/ ٢٩٧، طلبة الطلبة ص ١٨، المغرب ص ٢٣٠ - ٣٦٤.
(٣) يعني أن الفقير أحسن حالاً من المسكين، وأن المسكين أضعف حالاً منه، ووجه ذلك آيتان من كتاب الله تعالى، أولاهما قوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [سورة البلد، من الآية (١٦)]، أي: الذي قد لزق بالتراب، وهو عار لا يواريه عن التراب شيء، فدل ذلك على أن المسكين في غاية الحاجة والعدم، والثانية قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}، [سورة البقرة، من الآية (٢٧٣)]. إذ إن في الآية ما يدل على أن الفقير قد يملك بعض ما يغنيه؛ لأنه لا يحسبه الجاهل بحاله غنيا إلا وله ظاهر جميل، وبزة حسنة، وفائدة الخلاف تظهر في الأوقاف عليهم والوصايا لهم دون الزكاة.
يُنظر: أحكام القرآن للجصاص ٣/ ١٥٨، المبسوط ٣/ ٨، بدائع الصنائع ٢/ ٤٣، الاختيار ١/ ١١٨، العناية ٢/ ٢٦١.
(٤) يُنظر: المبسوط ٣/ ١٤، بدائع الصنائع ٢/ ٤٩، المحيط البرهاني ٥/ ٤٠٤، العناية ٢/ ٢٦٤.
(٥) ساقطة من (ب).
(٦) لأنه فقير إلا أنه يحرم عليه السؤال.
يُنظر: بدائع الصنائع ٢/ ٤٨، الهداية ١/ ١١٢، الجوهرة النيرة ١/ ١٣١، حاشية ابن عابدين ٢/ ٣٥٤.
(٧) فتاوى قاضيخان ١/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>