للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في الحج عن الغير]

إذا حجّ عن الميت بأمره يقع الحجُّ عن المحجوج عنه، هو الصّحيح؛ ولهذا يشترط النية عن المحجوج عنه فيكون له (١).

والحاجّ يقول في التلبية: "اللّهمّ إني أريد الحج فيسّره لي، وتقبّل منّي، ومن فلان" (٢). (ف) (٣)

والأصل في هذا: أنّ الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره، صلاةً، أو صوماً، أو صدقةً، أو غيرها؛ لما رُوي عن النبي عليه السّلام "أنّه ضحّى بكبشين أملحين" (٤)، أحدهما عن نفسه، والآخر عن أمته، ممّن أقرّ بوحدانية الله تعالى، وشهد له بالبلاغ" (٥)، جعل تضحية إحدى الشّاتين لأمّته (٦).


(١) يعني أن الصحيح فيمن حجّ عن غيره أنّ أصل الحج يكون عن المحجوج عنه، وأنّ إنفاق الحاج من مال المحجوج عنه كإنفاق المحجوج عنه من مال نفسه؛ وهذا هو المصحّح في المبسوط، والبدائع، والهداية، خلافاً لمحمد، فإنه قال إنّ نفس الحج يقع عن الحاج، وإنما للمحجوج عنه ثواب النفقة، ودليل ما صححه المؤلف ما روى البخاري في صحيحه، [كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله]، (٣/ ١٨:برقم ١٨٥٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع، قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: «نعم».
يُنظر: المبسوط ٤/ ١٤٨، بدائع الصنائع ٢/ ٢١٢، الهداية ١/ ١٧٨، الاختيار ١/ ١٧٠، البحر الرائق ٣/ ٦٦.
(٢) يُنظر: الصفحة رقم ١٠٦٤ من هذا البحث.
(٣) فتاوى قاضيخان ١/ ٢٧٠.
(٤) الكبش الأملح: الذي بياضه أكثر من سواده. يُنظر: غريب الحديث لأبي عبيد ٢/ ٢٠٦، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/ ٣٥٤.
(٥) رواه ابن ماجه في سننه، [كتاب الأضاحي، باب أضاحي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-]، (٢/ ١٠٤٣:برقم ٣١٢٢) عن أبي سلمة، عن عائشة، أو عن أبي هريرة، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان «إذا أراد أن يضحي، اشترى كبشين عظيمين، سمينين، أقرنين، أملحين موجوءين، فذبح أحدهما عن أمته، لمن شهد لله، بالتوحيد، وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد، وعن آل محمد -صلى الله عليه وسلم-». حسّنه ابن الملقن، وصحّحه العيني. يُنظر في الحكم على الحديث: البدر المنير ٩/ ٢٩٩، نخب الأفكار ١٢/ ٥٣٧.
(٦) يُنظر: الهداية ١/ ١٧٨، الاختيار ٤/ ١٧٩، تبيين الحقانئق ٢/ ٨٢، البحر الرائق ٣/ ٦٣.

<<  <   >  >>