للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في صلاة الجمعة]

صلاةُ الجمعة فريضةٌ إذا اجتمعت شرائطُها (١).

ثم إذا زالت الشّمسُ يومَ الجمعة فرض الجمعة أو فرض الظهر؟ اختلفوا فيه:

قال بعضهم: يجب فرضُ الظهر، إلا أنّه إذا عجّل الجمعة سقط الظهر (٢).

وقال بعضهم: يجب أحد الأمرين، إمّا صلاة الجمعة، أو صلاة الظّهر، إلا أن الجمعةَ أفرضُهما؛ لأنّ الجمعة إذا تقدّمت سقط الظهر، فالفرض هي الجمعة (٣).

وقيل على قول أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهما الله: فرضُ الوقت الظّهر، إلا أنّه إذا عجّل الجمعة سقط الظهر، وعلى قول محمد -رحمه الله-: يلزمه فرضُ الجمعة (٤).


(١) لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [سورة الجمعة، من الآية ٩].
قال السرخسي: "والأمر بالسعي إلى الشيء لا يكون إلا لوجوبه والأمر بترك البيع المباح لأجله دليل على وجوبه أيضاً".
يُنظر: المبسوط ٢/ ٢١، المحيط البرهاني ٢/ ٦٢، الاختيار ١/ ٨١، البناية ٣/ ٤٠، درر الحكام ١/ ١٣٦.
(٢) يعني أنّ أصل الفرض هو الظهر، وهذا هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وهو رواية عن محمد، ووجهه أنّ أصل الفرض في حق الكل ما يتمكن كلٌّ من أدائه بنفسه، فما قرب إلى وسعه فهو أحق والظهر أقرب؛ لتمكنه منه كذلك بخلاف الجمعة؛ لتوقفها على الشرائط لا تتم به وحده، وتلك ليس في وسعه، وإنما يحصل له ذلك اتفاقا باختيار آخرين كاختيار السلطان وقدرته في الأمر، واختيار آخرٍ وآخرٍ ليحصل به معهما الجماعة وغير ذلك، فكان الظهر أولى بالأصلية.
يُنظر: التجريد ٢/ ٩٢٩، الهداية ١/ ٨٣، البناية ٣/ ٧٤، فتح القدير ٢/ ٦٣، البحر الرائق ٢/ ١٦٤.
(٣) هذا القول رواية ثانية عن محمد -رحمه الله-، ودليلها ما ذكره المؤلف.
يُنظر: المبسوط ٢/ ٣٣، تحفة الفقهاء ١/ ١٥٩، بدائع الصنائع ١/ ٢٥٦، المحيط البرهاني ٢/ ٦٣، الاختيار ١/ ٨٤.
(٤) يُنظر: المبسوط ٢/ ٣٣، تحفة الفقهاء ١/ ١٥٩، بدائع الصنائع ١/ ٢٥٦، البناية ٣/ ٤١، الشُّرنبلاليّة ١/ ١٣٦.

<<  <   >  >>