للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثمرةُ الخلاف تظهر فيما إذا تذكّر في الجمعة أن عليه فجرَ يومه وإن كان بحال لو صلّى الفجر يدرك ركعةً من الجمعة يقطع الجمعة بالإجماع، وإن كان بحال لو اشتغل بالفجر يفوته الجمعة والظهر عن وقتها يمضي بالإجماع (١).

وإن كان بحال تفوته الجمعة، لكن يُدرك الظّهر في وقتها يقطع ويصلّي الفجر ثم الظّهر، وعند محمد -رحمه الله- يمضي على الجمعة (٢).

ثمّ النّاس على صنفين: صنفٍ يُفترض عليهم الجمعة، وصنفٍ لا يفترض عليهم.

الأول: أن يكون رجلاً، بالغاً، عاقلاً، مسلماً، صحيحاً، مقيماً في المصر، فإن كان بهذه (الصفات) (٣) يجب عليه الجمعة (٤)

، ولو صلّى الظهرَ في بيته أجزأه، وقد أساء (٥).


(١) يعني إجماع الثلاثة، ووجه قطع الجمعة في الوجه الأول هو وجوب الترتيب بين الصلوات، وعدم القطع في الوجه الثاني هو سقوط الترتيب بضيق الوقت.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ٢٥٨، المحيط البرهاني ٢/ ٦٣، تبيين الحقائق ١/ ٢٢٢، البناية ٣/ ٧٥، البحر الرائق ٢/ ١٥.
(٢) فعندهما لا تجزئه الجمعة، لأن فرض الوقت هو الظهر، فإذا ترك الجمعة أمكنه فعل الظهر من غير فوات، وعند محمد يصلي الجمعة؛ لأن فرض الوقت هي الجمعة، فصار كالذي يذكر فجر يومه في آخر وقت الظهر، حيث يصلي الظهر لئلا يفوت فرض الوقت.
يُنظر: بدائع الصنائع ١/ ٢٥٨، المحيط البرهاني ٢/ ٦٣، تبيين الحقائق ١/ ٢٢٢، البناية ٣/ ٧٥، البحر الرائق ٢/ ١٥.
(٣) في (ب): الصفة.
(٤) قال الكاساني في الاستدلال لهذه الشرائط: "أما العقل والبلوغ فلأن صلاة الجمعة اختصت بشرائط لم تشترط في سائر الصلوات، ثم لما كانا شرطا لوجوب سائر الصلوات فلأن يكونا شرطا لوجوب هذه الصلاة أولى، وأما الإقامة فلأن المسافر يحتاج إلى دخول المصر وانتظار الإمام والقوم فيتخلف عن القافلة فيلحقه الحرج، وأما المريض فلأنه عاجز عن الحضور أو يلحقه الحرج في الحضور، وأما المرأة فلأنها مشغولة بخدمة الزوج ممنوعة عن الخروج إلى محافل الرجال لكون الخروج سببا للفتنة؛ ولهذا لا جماعة عليهن ولا جمعة عليهن أيضاً".
ولم يذكر المؤلف شرط الحرية، وسيذكره قريباً، ووجهه: كون منافع العبد مملوكة لمولاه إلا فيما استثني وهو أداء الصلوات الخمس على طريق الانفراد دون الجماعة لما في الحضور إلى الجماعة وانتظار الإمام والقوم من تعطيل كثير من المنافع على المولى.

يُنظر: تحفة الفقهاء ١/ ١٦١، بدائع الصنائع ١/ ٢٥٩، الهداية ١/ ٨٣، الاختيار ١/ ٨١، العناية ٢/ ٦٢.
(٥) لأن فرض الوقت هو الظهر لكن أمر بإسقاطه بالجمعة فإذا لم يأت بالجمعة وأتى بالظهر فقد أدى فرض الوقت فيجزئه، وأما الكراهة والإساءة فلتخلفه عن الجمعة.
يُنظر: المبسوط ٢/ ٣٣، تحفة الفقهاء ١/ ١٦٠، بدائع الصنائع ١/ ٢٥٨، البناية ٣/ ٧٣، النهر الفائق ١/ ٣٦٢.

<<  <   >  >>