للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في صلاة الخوف]

صلاة الخوف مشروعةٌ في ظاهر الرواية (١).

والخوفُ لا يُوجب قصر الصلاة، إلا أنّه يُبيح المشي والانتقال من القبلة إلى العدو في الصلاة، ومن العدو إلى القبلة (٢).

ثم النّاس لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكونوا مقيمين أو مسافرين.

فإن كانوا مسافرين فإنّ الإمام يَجعل النّاس طائفتين، فيفتتح الصّلاة بإحدى الطّائفتين، فيصلّي بهم ركعةً، وتقومُ طائفةٌ بإزاء العدوّ، وتأتي الطّائفة الأخرى فتقتدي بالإمام، فيصلّي بهم ركعةً، ثم يسلّم الإمام ولا يُسلّمون، وينصرفون فيقومون بإزاء العدو، وتأتي الطائفة التي صلّت مع الإمام ركعةً أولاً فيقضون ركعة وحداناً بغير قراءة، ويُسلّمون فيرجعون ويقومون بإزاء العدوّ، وتأتي الطائفة الأخرى فيقضون ركعةً واحدة بالقراءة (٣).


(١) لإجماع الصحابة على ذلك، ولأنّ الأصل فيما شرع أن يكون عاما في الأوقات كلها إلا إذا قام دليل التخصيص، وإحراز الفضيلة لا يصلح مخصصاً.
يُنظر: تحفة الفقهاء ١/ ١٧٧، بدائع الصنائع ١/ ٢٤٢، المحيط البرهاني ٢/ ١٢٤، تبيين الحقائق ١/ ٢٣٢، العناية ٢/ ٩٨.
(٢) يُنظر: تحفة الفقهاء ١/ ١٧٨، بدائع الصنائع ١/ ٢٤٢، تبيين الحقائق ١/ ٢٣٣، البناية ٣/ ١٧١، مجمع الأنهر ١/ ١٧٨.
(٣) لما روى البخاري في صحيحه، [أبواب صلاة الخوف، وقول الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ... }]، (٢/ ١٤:برقم ٩٤٢) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم، «فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي لنا، فقامت طائفة معه تصلي وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل، فجاءوا، فركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهم ركعة وسجد سجدتين، ثم سلم، فقام كل واحد منهم، فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين».
ووجه قوله في الطائفة الأولى إنها تقضي بلا قراءة، والثانية تقضي بقراءة أنّ المصلين في الأولى لاحقون، واللاحق كأنه خلف الإمام فليس عليه قراءة، وفي الثانية مسبوقون، والمسبوق عليه القراءة.
يُنظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ١٦٨، تحفة الفقهاء ١/ ١٧٧، بدائع الصنائع ١/ ٢٤٣، البناية ٣/ ١٦٣.

<<  <   >  >>