قَالَ يَا أهل الْكُوفَة لَو لم تذهل نَفسِي إِلَّا لثلاث لذهلت مقتلكم أبي ونهبكم رحلي وطعنكم فَخذي وَإِنِّي قد بَايَعت مُعَاوِيَة فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا وَمن مناقبه وجوده وزهه فِي الدُّنْيَا قَوْله إِنِّي لأَسْتَحي من الله عز وَجل أَن أَلْقَاهُ وَلم أمش إِلَى بَيته فَمشى عشْرين حجَّة من لمدينة على رجلَيْهِ وَإِن الجنائب لتقاد بَين يَدَيْهِ وَخرج من مَاله مرَّتَيْنِ وقاسم الله ثَلَاث مَرَّات حَتَّى إِنَّه كَانَ يُعْطي نعلا ويمسك نعلا وَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين رُبمَا كَانَ يُجِيز الْوَاحِد بِمِائَة ألف وَاشْترى حَائِطا من قوم من الْأَنْصَار بأربعمائة ألف وَإنَّهُ بلغه أَنهم احتاجوا إِلَى مَا فِي أَيدي النَّاس فَرده إِلَيْهِم وَلم يقل لسائل قطّ لَا وَلَا يأنس بِهِ أحد فيدعه يحْتَاج إِلَى غَيره وَرَأى غُلَاما أسود يَأْكُل من رغيف لقْمَة وَيطْعم كلبَاً هُنَالك لقْمَة فَقَالَ مَا يحملك على هَذَا فَقَالَ الْغُلَام إِنِّي أستحي أَن آكل وَلَا أطْعمهُ فَقَالَ الْحسن لَا تَبْرَح حَتَّى آتِيك فَذهب إِلَى سَيّده فَاشْتَرَاهُ وَاشْترى الْحَائِط الَّذِي هُوَ فِيهِ وَأعْتقهُ وَملكه الَحائط فَقَالَ الْغُلَام يَا مولَايَ قد وهبت الْحَائِط للَّذي وهبتني إِلَيْهِ وَكَانَ الْحسن سيداً حَلِيمًا زاهدَاً عاقلَا فَاضلا فصيحَاً ذَا سكينَة ووقار جواداً يكره الْفِتَن وَسَفك الدِّمَاء دَعَاهُ ورعه وزهده إِلَى ترك الْخلَافَة وَقَالَ خشيت أَن يجئَ يَوْم الْقِيَامَة سَبْعُونَ ألفَاً أَو أَكثر تنضح أوداجهم دَمًا وَكَانَ من أحسن النَّاس وجهَاً وَأكْرمهمْ وأجودهم وأطيبهم كلَاما وَأَكْثَرهم حَيَاء وَكَانَ أَكثر دهره صَائِما وَكَانَ فعله يسْبق قَوْله فِي المكارم والجود وَكَانَ كثير الأفضال على إخوانه لَا يغْفل عَن أحد مِنْهُم وَلَا يحوجه إِلَى أَن يسْأَله بل يتَقَدَّم بالعطاء قبل السُّؤَال وَقَالَ لأَصْحَابه إِنِّي أخْبركُم عَن أخٍ كَانَ من أعظم النَّاس فِي عَيْني وَكَانَ الَّذِي عظمه فِي عَيْني صغر الدُّنْيَا فِي عينه كَانَ خَارِجا عَن سُلْطَان بطشه فَلَا يَشْتَهِي مَا لَا يجد وَلَا يكثر إِذا وجد انْتهى وَمَا سمع من الْحسن كلمة فحش قطّ وَأعظم مَا سمع مِنْهُ أَنه كَانَ بَينه وَبَين شخص خُصُومَة فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ عندنَا إِلَّا مَا رغم أَنفه قلت هَذَا الشَّخْص الْمُبْهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute