للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عبد الْملك فزاده عجبا بالحجاج وَرفع قدره وولاه تبادله وَهِي أول مَا وَلِي فَخرج إِلَيْهَا فَلَمَّا قرب سَأَلَ عَنْهَا فَقيل لَهُ إِنَّهَا وَرَاء هَذِه الأكمة فَقَالَ أُفٍّ لبلد تسترها الأكمة وَرجع فَقيل فِي الْمثل أَهْون على الْحجَّاج من تبَالَة ثمَّ وصل إِلَى مَا وصل إِلَيْهِ وَزعم بعض الروَاة أَن أول أَمر الْحجَّاج أَنه كَانَ معلما للصبيان وَكَانَ يُسمى كليباً وَفِيه يَقُول الشَّاعِر // (من المتقارب) //

(أَيَنْسَى كُلَيْبٌ زَمَانَ الهُزَالِ ... وتَعْلِيمَهُ سُورَةَ الكَوْثَرِ)

(رَغِيفٌ لَهُ فَلَكٌ مَا يُرَى ... وَآخرُ كَالقَمَرِ الأَزْهَرِ)

يُشِير إِلَى النَّاس أَن خبز المعلمين يخْتَلف فِي الصفر وَالْكبر بِحَسب اخْتِلَاف بيُوت الصّبيان ثمَّ صَار دباغَاً ويستدل على ذَلِك بحكايته مَعَ كَعْب الأشقري وَذَلِكَ أَن الْمُهلب بن أبي صفرَة لما أَطَالَ قتال الْأزَارِقَة وَكَانَ الْحجَّاج أرْسلهُ لذَلِك كتب إِلَيْهِ يستبطئه فِي تَأْخِير مناجزتهم فَقَالَ الْمُهلب لرَسُوله قل لَهُ إِن الشَّاهِد يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِب فَقَالَ كَعْب الْأَشْقَر وَكَانَ من جند الْمُهلب // (من الْكَامِل) //

(إنَّ ابْنَ يوسُفَ غَرَّهُ مِنَ غَزْوِكُم ... خَفْضُ المقامِ بجَانبِ الأمْصَارِ)

(لَو عَايَنَ الصَّفيَّن حِين تَلَاقَيَا ... ضَاقَتْ عَلَيْهِ برُحْبِهَا الأَقْطَارُ)

(وَرَأى معاوَدَةَ الدّباغ غنيمَةً ... أيامَ كَانَ مُحَالِفَ الإِقْتَارِ)

فبلغت أبياته الْحجَّاج فَكتب إِلَى الْمُهلب بإشخاصه فأشخصه الْمُهلب إِلَى عبد الْملك وَكتب إِلَيْهِ يستوهبه مِنْهُ فَقدم كَعْب برسالة الْمُهلب إِلَى عبد الْملك فاستنشده فأعجبه مَا سمع وَكتب إِلَى الْحجَّاج يقسم عَلَيْهِ أَن يعْفُو عَن كَعْب فَلَمَّا دخل كَعْب على الْحجَّاج قَالَ إيه يَا كَعْب وَرَأى معاودة الدّباغ غنيمَة فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير لَوَدِدْت فِي بعض مَا شاهدته فِي تِلْكَ الحروب وَمَا يردهُ الْمُهلب من خطرها أَن أنجُوَ مِنْهَا وأكون حجاماً أَو حائكاً فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أولى لَك لَوْلَا قسم أَمِير الْمُؤمنِينَ لما نفعك مَا أسمع فالحَق بصاحبك وروى ابْن الْكلابِي عَن عوَانَة بن الحكم قَالَ سمع الْحجَّاج تكبيرَاً فِي السُّوق وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَلَمَّا انصرَفَ صعد الْمِنْبَر فَقَالَ يَا أهل الْعرَاق يَا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الْأَخْلَاق قد سَمِعت تَكْبِيرا لَيْسَ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي يُرَاد بِهِ الله فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>