قلت صدق رَضِي الله عَنهُ فَإِن من خَواص العدس مَا ذكره وَالسَّبَب الْخَفي فِي ذَلِك الْبكاء إِنَّمَا هُوَ رقة فِي قلبه من خوف الله تَعَالَى وخشيته لكنه وجد سَبِيلا إِلَى إِسْنَاده إِلَى العدس لما قيل إِن فِيهِ خاصية ذَلِك كَأَنَّهُ قصد الْبعد عَن مظان الرِّيَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مُجَاهِد قَالَ لي عمر بن عبد الْعَزِيز مَا تَقول النَّاس فِي قلت يَقُولُونَ مسحور قَالَ مَا أَنا بمسحور وَالله وَلَكِنِّي بخوف رَبِّي مسحور قَالَ وَكَانَت بَنو أُميَّة قد تبرمَتْ بعمر لكَونه شدَد عَلَيْهِم وانتزع كثيرا مِمَّا فِي أَيْديهم مِمَّا غصبوه وَكَانَ قد أهمل التَّحَرُّز فدسوا لَهُ غُلَاما سقَاهُ السمَّ ثمَّ دَعَا الْغُلَام وَقَالَ وَيحك مَا حملك على أَن تسقيني السم قَالَ ألف دِينَار أُعْطيتها وعَلى أَن أعتق قَالَ عمر هَاتِهَا فألقاها فِي بَيت مَال الْمُسلمين وَقَالَ اذْهَبْ حَيْثُ لَا يراك أحد وروى أَنه وَقع غلاء عَظِيم فِي زَمَنه فَقدم عَلَيْهِ وَفد من الْعَرَب فَاخْتَارُوا رجلا مِنْهُم لخطابه فَتقدم إِلَيْهِ وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّا قد وفدنا إِلَيْك من ضَرُورَة عَظِيمَة وحقنا فِي بَيت المَال وَمَاله لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لله أَو لعباد الله أَو لَك فَإِن كَانَ لله فَإِن الله غَنِي عَنهُ وَإِن كَانَ لعباد الله فأَتهم إِيَّاه وَإِن كَانَ لَك فَتصدق علينا إِن الله يحب المتصدقين فاغرورقت عينا عمر بالدموع وَقَالَ هُوَ كَمَا ذكرت وَأمر بحوائجهم فَقضيت فهم الْأَعرَابِي بالانصراف فَقَالَ لَهُ عمر أَيهَا الرجل كَمَا أوصلت حوائج عباد الله إليَ فأوصل حَاجَتي وارفع فَاقَتِي إِلَى الله عز وَجل فَقَالَ الْأَعرَابِي اللَّهُمَّ اصْنَع بعمر بن عبد الْعَزِيز كصنعه فِي عِبَادك فَمَا استتم كَلَامه حَتَّى ارْتَفع غيم عَظِيم وهطلت السَّمَاء فجَاء فِي الْمَطَر بردة فَوَقَعت على حجر فَانْكَسَرت فَخرج مِنْهُ كاغد مَكْتُوب فِيهِ هَذِه بَرَاءَة من الله الْعَزِيز الْجَبَّار لعمر بن عبد الْعَزِيز من النَّار وَقَالَ رَجَاء بن حَيْوَة كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز من أعظم النَّاس وألينهم وأعلمهم وأجملهم فِي مشيته ولبسه وَلما اسْتخْلف قومَت ثِيَابه وعمامته وقميصه وقباؤه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute