اصطنعني أَمِير الْمُؤمنِينَ نصحت وشكرت فَاسْتَعْملهُ الْمَنْصُور على الْموصل ثمَّ أقبل الْمَنْصُور على من حضر وَأَبُو مُسلم طريح بَين يَدَيْهِ وأنشده من // (السَّرِيع) //
(زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقَتَضَى ... فَاسْتَوْفِ بالكَيْلِ أَبَا مُجْرِمِ)
(إِشْرَبْ بِكَأْسٍ كُنْتَ تَسْقِي بِهَا ... أَمَرَّ فِي الحَلْقِ مِنَ العَلْقَمِ)
وَكَانَ يُقَال لَهُ أَبُو مُجرم وَفِيه يَقُول أَبُو دلامة من // (الطَّوِيل) //
(أَبَا مُجْرِمٍ مَا غَيَّرَ الله نعمَةً ... على عَبْدِهِ حَتَّى يغيِّرَهَا العَبْدُ)
(أَفِي دَوْلَةِ المنْصُورِ حاوَلْتَ غدرةَ ... أَلا إِن أهْلَ الغَدْرِ آباؤُكَ الكُرْدُ)
(أَبَا مجرِمٍ خَوَّفْتَنِي القَتْلَ فانْتَحَى ... عليكَ بِمَا خوفْتنِي الأَسَدُ الوَرْدُ)
وَلما قَتله الْمَنْصُور خطب النَّاس فَذكر أَن أَبَا مُسلم أحسن أَولا وأساء آخرا ثمَّ قَالَ فِي آخر خطبَته وَمَا أحسن قَول النَّابِغَة الذبياني للنعمان بن الْمُنْذر من // (الْبَسِيط) //
(فَمَنْ أَطَاعَكَ فَانْفَعْهُ بِطَاعَتِهِ ... كَمَا أَطَاعَكَ وَادْلُلْهُ عَلى الرَّشَدِ)
(وَمَنْ عَصَاكَ فعاقبْهُ معاقبَةً ... تَنْهَى الظَّلُومَ وَلَا تقَعُدْ على ضَمَدِ)
الضمد بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَالْمِيم الحقد وَفِي ابْن خلكان وَغَيره كَانَ أَبُو مُسلم قد سمع الحَدِيث وروى عَنهُ وَأَنه خطب يَوْمًا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ مَا هَذَا السوَاد الَّذِي أرى عَلَيْك فَقَالَ أَبُو مُسلم حَدثنِي أَبُو الزبير عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَن النَّبِي
دخل مَكَّة يَوْم الْفَتْح وعَلى رَأسه عِمَامَة سَوْدَاء وَهَذِه ثِيَاب الهيبة وَثيَاب الدولة يَا غُلَام اضْرِب عُنُقه قلت حَدِيث جَابر هَذَا فِي صَحِيح مُسلم وَمن ثمَّ كَانَ شعار بني الْعَبَّاس فِي الْخطْبَة السَّوْدَاء وَكَانَ أَبُو مُسلم فصيحَاً عَالما بالأمور شجاعاً فاتكاً وَلم يُرَ قطّ مازحاً وَلَا يظْهر عَلَيْهِ سرُور وَلَا غضب وَلَا يَأْتِي النِّسَاء إِلَّا مرّة وَاحِدَة فِي السّنة وَكَانَ يَقُول