قلت ورأيتُ فِي الذَّهَبِيّ أَنه كَانَ أغرى بسفيان وَالثَّوْري فَأمر قَتله حَال فَرَاغه من الْمَنَاسِك وَأعد خَشَبَة مَعَ الخشابين ليصلبه عَلَيْهَا فجَاء الْخَبَر إِلَى سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ فضطجع بِالْحجرِ وَرَأسه فِي حجر الفضيل بن عِيَاض وَرجلَاهُ فِي حجر سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَقيل لَهُ إِن أَبَا جَعْفَر الْمَنْصُور قَارب مَكَّة فَانْجُ بِنَفْسِك واختفِ فَقَامَ إِلَى أَثوَاب الْبَيْت الشريف ودعا طَويلا ثمَّ قَالَ بَرِئت من رب هَذِه الْبَيِّنَة إِن دَخلهَا أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور إِلَّا مَيتا فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَلما سَار الْمَنْصُور إِلَى الْحَج أوصى وَلَده الْمهْدي عِنْد وداعه فَقَالَ لَهُ لم أدع شَيْئا إِلَّا تقدّمت إِلَيْك فِيهِ وسأوصيك بخصال وَمَا أَظُنك تفعل وَاحِدَة مِنْهَا وَكَانَ لَهُ سفط فِيهِ دفاتر عمله وَعَلِيهِ قفل لَا يَفْتَحهُ أحد غَيره فَقَالَ للمهدي انْظُر لهَذَا السفط فاحتفظ بِهِ فَإِن فِيهِ علم آبَائِك مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِن حزبك أَمر فَانْظُر فِي الدفتر الْكَبِير فَإِن أصبت فِيهِ مَا تُرِيدُ وَإِلَّا فَفِي الثَّانِي وَالثَّالِث حَتَّى بلغ سَبْعَة فَإِن ثقل عَلَيْك فالكراسة الصَّغِيرَة فَإنَّك وَاجِد مَا تُرِيدُ فِيهَا وَمَا أَظُنك تفعل وَانْظُر هَذِه الْمَدِينَة وَإِيَّاك أَن تستبدل بهَا غَيرهَا وَقد جمعت لَك فِيهَا من الْأَمْوَال مَا لَو انْكَسَرَ عَلَيْك الْخراج عشر سِنِين كَفاك لأرزاق الْجند والنفقات والذرية ومصالح الْبَيْت فاحتفظ بهَا فَإنَّك لَا تزَال عَزِيزًا مَا دَامَ بَيت مَالك عَامِرًا وَلَا أَظُنك تفعل وأوصيك بِأَهْل بَيْتك أَن تظهر كرامتهم وتحسن إِلَيْهِم وتقدمهم وتوطئ النَّاس أَعْقَابهم وتوليهم المنابر فَإِن عزك عزهم وَذكرهمْ لَك وَمَا أَظُنك تفعل وَانْظُر مواليك فَأحْسن إِلَيْهِم وقربهم واستكثر مِنْهُم فَإِنَّهُم مادتك لشدتَك إِن تنزل بك يومَاً وَمَا أَظُنك تفعل وأوصيك بِأَهْل خرسان خيرَاً فَإِنَّهُم أنصارك وشيعتك الَّذين بذلوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ فِي دولتك وَلَا تخرج محبتك من قُلُوبهم أحسن إِلَيْهِم وَتجَاوز عَن مسيئهم واخلف من مَاتَ فِي وَلَده وَأَهله بِخَير وَمَا أَظُنك تفعل وَإِيَّاك أَن تبني مَدِينَة الشرقية فَإنَّك لَا تتمّ بناءها وأظنك ستفعل وَقيل قَالَ إِنِّي قد ولدت فِي ذِي الْحجَّة وَوليت فِي ذِي الْحجَّة وَقد هجس فِي نَفسِي أَنِّي أَمُوت فِي ذِي الْحجَّة من هَذِه السّنة فَاتق الله فِيمَا أَعهد إِلَيْك من أُمُور الْمُسلمين بعدِي يَجْعَل لَك فِيمَا جزبك فرجَاً ومخرجاً ويرزقك السَّلامَة وَحسن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute