فَالْحَاصِل أَن الْمهْدي مُحَمَّدًا عهد إِلَى ولديه الْهَادِي وَهَارُون الرشيد على أَن يكون الْهَادِي بعده قبل الرشيد ثمَّ فِي سنة تسع وَسِتِّينَ اعتزم على خلع ابْنه الْهَادِي والبيعة للرشيد وتقديمه على الْهَادِي وَكَانَ الْهَادِي بجرجان فَبعث إِلَيْهِ بذلك واستقدمه فَضرب الْهَادِي الرَّسُول وَامْتنع فَسَار إِلَيْهِ الْمهْدي فَلَمَّا بلغ ماسبذان توفّي هُنَالك يُقَال مسمومَاً من بعض جواريه يُقَال سمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى فِي كمثرى فغلظ الْمهْدي فَأَخذهَا فَأكلهَا فَمَا جسرت أَن تَقول لَهُ إِنَّهَا مَسْمُومَة وَيُقَال سَبَب مَوته أَنه طرد صيدا فَدخل وَرَاءه إِلَى خربة فدق بَاب الخربة ظَهره فَأدْخل قربوس السرج فِي صَدره وَكَانَ مَوته فِي الْمحرم من السّنة الْمَذْكُورَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَلم يُوجد لَهُ نعش يحمل عَلَيْهِ فَحمل على بَاب وَدفن تَحت شَجَرَة جوز وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته عشْرين سنة وشهراً وَله من الْعُمر ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ سنة وَكَانَ جواداً ممدحاً سخياً إِلَى الرّعية حسن الْخلق والخلق يُقَال إِن أَبَاهُ خلف فِي الخزائن مائَة ألف ألف دِينَار وَسِتِّينَ ألف ألف دِرْهَم ففرقها الْمهْدي وَقد قيل مَا جَاءَ فِي بني الْعَبَّاس أكْرم من الْمهْدي وَلَا أبخل من أَبِيه الْمَنْصُور دخل على الْمهْدي شريك القَاضِي فَقَالَ لَهُ الْمهْدي يَا شريك مَا تَقول فِي عَليّ بن أبي طَالب قَالَ مَا قَالَ فِيهِ جدك الْعَبَّاس وَعبد الله ابْنه فَقَالَ مَا قَالَا فِيهِ قَالَ أما الْعَبَّاس فَمَاتَ وَعلي عَنهُ أفضلُ الصَّحَابَة وَقد كَانَ يرى كثيرا من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين يسألونه عَمَّا ينزل بهم من النَّوَازِل وَمَا احْتَاجَ هُوَ إِلَى أحد مِنْهُم حَتَّى لحق إِلَى كَرَامَة الله تَعَالَى وَأما عبد الله ابْنه فَكَانَ يضْرب بَين يَدَيْهِ بسيفَين وَكَانَ فِي حروبه رَأْسا متبعَاً وَسَيِّدًا مُطَاعًا فَلَو كَانَت إِمَامَة عَليّ جوراً لَكَانَ أول من قعد عَنهُ جدك عبد الله لعلمه بدين الله وفقهه فِي أَحْكَام الله فَأَطْرَقَ الْمهْدي رَأسه سَاعَة ثمَّ عزلَ شريكَاً عَن الْقَضَاء بعد أَيَّام قَليلَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute