للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيْئا من النَّبِيذ فَقَالَت العباسة أرسليني لجَعْفَر كجارية من اللواتي ترسلينها إِلَيْهِ فَأَبت فَقَالَت لَهَا إِن لم تفعلي أخْبرت الرشيد أَنَّك كَلَّمتنِي فِي كَيْت كَيْت وَإِن اشتملتُ على ولد زَاد فِي شرف ابْنك وَمَا عَسى أَن يفعل أخي بعد اشتمالي على ولد فطمعت عتابة فِي ذَلِك ووعدت وَلَدهَا بِجَارِيَة من هيئتها كَذَا وَكَذَا فطالبها جَعْفَر بهَا فمطلته أَيَّامًا ثمَّ قَالَت للعباسة تَهيئي فِي هَذِه اللَّيْلَة فَفعلت وأدخلتها على جَعْفَر وَكَانَ لَا يعرفهَا لِأَنَّهُ كَانَ يجلس مَعهَا هُوَ والرشيد فَلَا يَجْسُر أَن يرفع طرفه إِلَيْهَا خوفًا فَلَمَّا قضى مِنْهَا وطره قَالَت لَهُ كَيفَ رَأَيْت خديعة بَنَات الْمُلُوك فَقَالَ وَبنت أَي ملك أَنْت قَالَت أَنا مولاتك العباسة فطارَ السكر من رَأسه وَقَالَ لأمه بعتيني وَالله رخيصاً فَكَانَ هذَاَ هَو السَّبَب وَيُقَال إِن علية بنت الْمهْدي قَالَت للرشيد مَا رَأَيْت لَك يَا سَيِّدي يَوْم سرُور مُنْذُ قتلت جعفراً فلأي شَيْء قتلته فَقَالَ لَهَا يَا حيائي لَو علمت أَن قَمِيصِي يعلم السَّبَب لأحرقته وَفِي ربيع الْأَبْرَار لم أر أبر من الْفضل بِأَبِيهِ يحيى بلغ من بره أَنه لما كَانَا محبوسين وَكَانَ يحيى لَا يتَوَضَّأ إِلَّا بِمَاء مسخن فَمنع السجان الْوقُود فِي لَيْلَة بَارِدَة فَلَمَّا أَخذ يحيى مضجعه قَامَ الْفضل إِلَى قمقم فأدناه إِلَى الْمِصْبَاح فَلم يزل قَائِما وَهُوَ فِي يَده حَتَّى أصبح فَتَوَضَّأ بِهِ أَبوهُ يحيى فشعر السجان بذلك فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الثَّانِيَة غيب السجان الْمِصْبَاح فَبَاتَ الْفضل متأبطَاً القمقم يدفئه لِأَبِيهِ ليله أجمع وَمَات يحيى بالسجن فِي الرقة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة بعد قتل جَعْفَر بِثَلَاث سِنِين وَبَقِي الْفضل بعده فِي السجْن ثمَّ مَاتَ وَكَانَت دولتهم مُنْذُ اسْتخْلف هَارُون إِلَى أَن قتل جَعْفَر سبع عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَخَمْسَة عشر يَوْمًا وَقد رثتهم الشُّعَرَاء وَأَكْثرُوا وَمن ذَلِك قَول عَليّ بن معَاذ من // (السَّرِيع) //

(يَأَيُّهَا المُغْتَرُّ بِالدَّهْرِ ... وَالدَّهْرُ ذُو صَرْفٍ وّذُو غَدْرِ)

(إِنْ كُنْتَ ذَا جَهْلٍ بِتَصْرِيِفِهِ ... فَانظُر إلَى المَصْلُوبِ بِالجسْرِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>