وَاجْتمعَ الْكسَائي وَمُحَمّد بن الْحسن الشباني صَاحب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ الْكسَائي من تبحر فِي علم النَّحْو اهْتَدَى إِلَى سَائِر الْعُلُوم فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد مَا تَقول فِيمَن سَهَا فِي سُجُود السَّهْو هَل يسْجد مرّة أُخْرَى قَالَ لَا قَالَ لم ذَا قَالَ لِأَن النُّحَاة يَقُولُونَ المصغر لَا يصغر قَالَ مُحَمَّد فَمَا تَقول فِي تَعْلِيق الْعتْق بِالْملكِ قَالَ لَا يَصح قَالَ لم قَالَ لِأَن السَّيْل لَا يسْبق الْمَطَر وَتعلم الْكسَائي النَّحْو على كبر سنه وَسَببه أَنه مَشى يَوْمًا حَتَّى أعيا فَجَلَسَ وَقَالَ عييت فَقيل لَهُ لحنت قَالَ كَيفَ قيل إِن كنت أردْت التَّعَب فَقل أعييت وَإِن كنت أردْت انْقِطَاع الْحِيلَة فَقل عييت بِغَيْر همز فَأَنف من قَوْلهم لحنت واشتغل بالنحو حَتَّى مهر وَصَارَ إِمَام وقته وَكَانَ يُؤَدب الْأمين والمأمون وَصَارَت لَهُ الْيَد الْعُظْمَى والوجاهة التَّامَّة عِنْد الرشيد وولديه وَتُوفِّي مُحَمَّد بن الْحسن وَالْكسَائِيّ فِي يَوْم وَاحِد سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة ودفنا فِي مَكَان وَاحِد فَقَالَ الرشيد هَهُنَا دفن الْعلم وَالْأَدب وقصة الْكسَائي مَعَ سِيبَوَيْهٍ فِي مَسْأَلَة فَإِذا هُوَ هِيَ أَو إِيَّاهَا شهيرة لَا نطول بذكرها وَقَالَ الْمبرد حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد الْحَنَفِيّ قَالَ أَخْبرنِي الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف بِبَغْدَاد قَالَ لم أدر ذَات يَوْم إِلَّا والمسودة قد أحاطت بِي فَمضى بِي إِلَى دَار الْخلَافَة هَارُون الرشيد فصرت إِلَى خَالِد بن يحيى فَقَالَ وَيحك يَا عَبَّاس إِنَّمَا اخْتَرْتُك من ظرفاء الشُّعَرَاء لقرب مأخذك وَحسن تَأْتِيك وَإِن الَّذِي ندبتك لَهُ من شَأْنك وَقد عرفت خطرات الْخُلَفَاء وَإِنِّي أخْبرك أَن ماردة هِيَ الْغَالِبَة على أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد جرى بَينهمَا عتب وَهِي بِعِزة دَالَّة المعشوق تأبى أَن تعتذر وَهُوَ بِعِزةِ الْخلَافَة وَشرف الْملك يَأْبَى وَقد رمت الْأَمر من قبلهَا فأعياني وَهُوَ أَحْرَى أَن تستقيده الصبابة فَقل شعرًا تسهل بِهِ هَذَا السَّبِيل فَلَمَّا قضى كَلَامه دَعَاهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ فَصَارَ إِلَيْهِ وَأعْطيت وَرقا ودواة فاعتراني الدمع وَنَفر عني كل شَيْء ثمَّ انْفَتح لي شَيْء من الْأَشْيَاء وَالرسل من الْخَلِيفَة مَا تغبني فجاءتني أَرْبَعَة أَبْيَات رضيتها وَقعت صَحِيحَة الْمَعْنى سهلة الْأَلْفَاظ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute