يتغادون وَيَقُولُونَ انهض يَا مَوْلَانَا فَلم أَشك أَنِّي دَاخل لأبايع لولد الواثق ثمَّ ينفذ فِي مَا قررا فَلَمَّا دخلت بايعوني فَسَأَلت عَن الْحَال فأعلمت أَن ابْن أبي دؤاد كَانَ سَبَب ذَلِك ثمَّ إِن المتَوَكل قتل إيتاخ بِالْمَاءِ الْبَارِد وَابْن الزيات بالتنور على مَا أَشَارَ إِلَيّ فِي حَقه وَهَذَا من أعجب الِاتِّفَاق فَإِن ابْن الزيات هُوَ الَّذِي صنع التَّنور وَكَانَ يعذب بِهِ النَّاس فَعَذَّبَهُ الله بِهِ جَزَاء وفَاقا وَهُوَ من حَدِيد دَاخله مسامير وَكَانَ يسجر عَلَيْهِ بحطب الزَّيْتُون حَتَّى يصير كالجمر ثمَّ يدْخل فِيهِ الْإِنْسَان نسْأَل الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَكَانَ ابْن الزيات إِذا اسْتَغَاثَ بِهِ أحد من الرّعية فَقَالَ ارْحَمْنِي يَقُول الرَّحْمَة خور فِي الْقلب فَلَمَّا ألْقى هُوَ فِي التَّنور قَالَ للمتوكل ارْحَمْنِي فَقَالَ لَهُ الرَّحْمَة خور فِي الْقلب أَو فِي الطبيعة وَكَانَ قد حَبسه قبل أَن يدْخلهُ التَّنور أَيَّامًا فَكتب إِلَيْهِ فِي الْحَبْس بقوله من // (الْبَسِيط) //
(هِيَ اليَّبِيلُ فمِنْ يَوْمٍ إِلى يوْمِ ... كَأَنَّهُ مَا تُرِيكَ العَيْن فِي النَّومِ)
(لَا تَعْجَلَنَّ رُوَيْدًا إِنّهَا دُوَلٌ ... دُنْيا تَنقَّلُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قوْمِ)
وَوَقعت فِي أَيَّامه عجائب مِنْهَا أَن النُّجُوم ماجت فِي السَّمَاء وتناثرت كَأَنَّهَا الْجَرَاد فرميت قَرْيَة السويداء بِنَاحِيَة مُضر أَحْجَار من السَّمَاء وُزن حجر مِنْهَا فَكَانَ عشرَة أَرْطَال ومار جبل بِالْيمن عَليّ مزارع ومرن إِلَى جبل آخر بَينهمَا نَحْو أَرْبَعَة أَيَّام وَوَقع طَائِر أَبيض دون الرخمة فصاح يَا معشر النَّاس اتَّقوا الله أَرْبَعِينَ مرّة وَجَاء من الْغَد فَفعل كَذَلِك فَكَتَبُوا خبر ذَلِك على الْبَرِيد إِلَى بَغْدَاد وَكَتَبُوا فِيهِ شَهَادَة خَمْسمِائَة رجل سمعُوا ذَلِك بآذانهم وَكَانَ هَذَا فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وحصلت زلازل وَغَارَتْ عُيُون مَكَّة فَأرْسل المتَوَكل مائَة ألف دِينَار ذَهَبا لإجراء عين عَرَفَات فصرفت فِيهَا إِلَى أَن جرت كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قَالَ الْعَلامَة النَّجْم عمر بن فَهد فِي تَارِيخه إتحاف الورى بأخبار أم الْقرى فِي حوادث سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ غارت غين مشاش وَهِي عين مَكَّة فَبلغ ثمن الْقرْبَة درهمَاً فَبعث المتَوَكل مَالا ثَانِيًا فأنفق عَلَيْهَا حَتَّى جرت قَالَ ابْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute