(وَهَا فَكَأَنْ قَدْ زارَهُ وتجانفَ ... بِهِ عنْ قصورِ المُلْكِ طيبَة والسرُّ)
(هلِ البيتُ بَيْتُ الله إلَاّ حَرِيمُه ... وهَلْ لِغريبِ الدارِ عَنْ دارِهِ صَبْرُ)
(مَنَازِلُهُ الأُولَى اللَّواتِى يَشُقْنَهُ ... فليْسَ لَهُ عنهنَّ مَعْدًى وَلَا قصْرُ)
(وحيثُ تلقَّى جَدُّه القدسَ وانتحتْ ... لَهُ كلماتُ اللَّهِ والسرُّ والجَهْرُ)
(فَإِن يَتَمنَّ البيتُ تلكَ فَقَدْ دنَتْ ... مواكِبُها والعُسْرُ مِنْ بعدِه اليُسْرُ)
(ألستَ ابنَ بانِيهِ فَلَو جِئْتهُ انجلتْ ... غواشِيهِ وابْيَضَّتْ مناسِكُه الغُبْرُ)
(حبيبٌ إلَى بطحاءِ مَكَّة موسِمٌ ... تحيي مَعَدًّا فيهِ مَكَّةُ والحِجْرُ)
(هناكَ تضئُ الأرضُ نورَاً وتلتقِى ... دُنُوًّا فَلَا يََسْتَبْعِد السَّفَرَ السَّفْرُ)
(وتُدْرَى فروضٌ الحجِّ مِنْ نَاقِلَاتِهِ ... ويمْتَازٌ عِنْد الأمَّةِ الخَيْرُ والشَّرُّ)
(وشهدتُّ لَقَدْ أعززْتَ ذَا الدّيِنَ عِزّةً ... خَشِيتُ لَهَا أَن يَسْتَبِدَّ بكَ الكِبْرُ)
(وأميضتَ عزماً ليسَ يعْصيكَ بَعْدَهُ ... مِنَ الناسِ إِلَّا جاهِلٌ بك مُغْترُّ)
(فَلم يَبْقَ إِلَّا البُرْدُ تترى وقَدْ نأََى ... عليكَ بِهِ أَقْصى مواعيدِه شهْرُ)
(وَمَا ضَرَّ مِصرًا حينَ ألقتْ قِيَادَهَا ... إِليك أمُدَّ النيلُ أم غَالَهُ الجَزْرُ)
(وَقد حُبِّرتْ فيهَا لَك الخُطَبُ الَّتِي ... بدَائِعُها نَظَمٌ وألفاظُها نثْرُ)
(فَلم يُهْترَقْ فيهَا لِذِى ذِمَّةٍ دمٌ ... حَرامٌ وَلم يُحْملْ على مُسْلِم إِصْرُ)
(غَدَا جَوْهَرٌ فيهَا غَمَامَةَ رَحْمَةٍ ... يَقِى جَانِبَيْها كُلّ حادثةٍ تعْرُو)
(كأَنِّى بِهِ قَدْ سَارَ فِي القومِ سِيرَةً ... سَواء إِذَا مَا حلَّ فِي الأرضِ وَالْقَطْرُ)
(وَمن أَيْن تَعْدُوهُ وسيلةُ مِثلِهَا ... وقَدْ قُلِّصتْ فِي الحربِ عَن ساقِه الأُزْرُ)
(وثقَّف تثقيفَ الرُّديْنِيِّ قبْلهَا ... وَمَا الطَّرْفُ إِلَّا أَن يُهَذِّبهُ الضُّمْرُ)
(وليسَ الَّذِي يَأْتِي بأوَّلِ مَا كفَى ... فشُدَّ بِهِ مُلْكٌ وسُدَّ بِه ثَغْرُ)
(فَمَا بمداهُ دُونَ عِزِّ تخلُّفٌ ... وَمَا بِخُطَاه دونَ صَالِحةٍ بَهْرُ)
(سننْت لهُمْ فِيهِ من العَدْلِ سُنّةً ... هىَ الآيةُ الْكُبْرَى وبُرْهانها السِّحْرُ)
(على مَا خلا من سنةِ الوَحْيِ مَا خَلا ... فَأَذْيَالُهَا تَضْفُو عليهِمْ وتَنْجَرُّ)
(وأوصيتَهُ فيهم بِرفْقِكَ مُرْدِفًا ... بجودِكَ معقوداً بِهِ عندَكَ البِرُّ)
(وَصَاةً كَمَا أوصى بهِ اللَّه رُسْلَهُ ... ول يْسَ بأُذْنٍ أنتَ مُسْمِعُهَا وَقْرُ)
(وثبَّتَّهَا بالكُتْبِ فِى كُلِّ مُدْرَجٍ ... كأَنَّ جميعَ الخيرِ فِي طَيِّه سَطْرُ)