بِاللَّه الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَظَهَرت فضائله فِي الْبِلَاد وأذعن لفضله الْحَاضِر والباد وأوتي من الْإِحَاطَة بالعلوم وَصدق الفراسة وتنوير الْقلب وصفاء الخاطر مَا لم يُؤْت غَيره وَأَقْبَلت عَلَيْهِ الفتوحات من كل وجهة وَقَامَ بنصرته أَخَوَاهُ السيدان الإمامان الْحسن وَالْحُسَيْن وأخوهما شمس الْإِسْلَام أَبُو طَالب ابْن الإِمَام الْمَنْصُور وَفِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَألف استولى الإِمَام الْمُؤَيد الْمَذْكُور على جَمِيع إقليم الْيمن مَا عدا زبيد والمخا وَذَلِكَ أَن الباشا قانصوه لما توجه إِلَى الْيمن عَام تسع وَثَلَاثِينَ بعد أَن قتل الشريف أَحْمد بن عبد الْمطلب وَولي مَسْعُود بن إِدْرِيس صَار كلما دخل قَرْيَة ظلم أَهلهَا ونهبهم أرسل إِلَى عابدين باشا وخنقه وَاسْتولى على خزائنه وعساكره وَنهب الْبَلَد وَنهب من يرد إِلَيْهِ من البنادر وَأرْسل أغربة فِي الْبَحْر يَأْخُذُونَ من ظفروا بِهِ واغتصب أَمَاكِن مأثورة وعمرها بزخارف فِي الصُّورَة فآلت أَمْوَاله إِلَى يَد العدى {وَلَا يظلم رَبُّكَ أحدا} الْكَهْف ٤٩ والتقى عسكره مَعَ عَسْكَر الإِمَام الْمُؤَيد مُحَمَّد بن الْقَاسِم صَاحب التَّرْجَمَة وَعَلَيْهِم أَخُوهُ الإِمَام الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وكمنوا لَهُ ثمَّ هجموا عَلَيْهِم وهم غَارونَ فَقتلُوا من عَسْكَر قانصوه أَكْثَرهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل وتحصن هُوَ وَمن بَقِي بزبيد فتنزل عَلَيْهِ أَخُوهُ الآخر الإِمَام الْحسن بعساكره كَثِيرَة وحاصروا زبيد وَأنْفق قانصوه مَا حازه من الْأَمْوَال على عسكره ثمَّ صَارُوا يهددونه ويعزرونه لضيق أَرْزَاقهم فتعب لذَلِك وَكَاتب الإِمَام الْحسن على أَن يصل إِلَيْهِ آمنا فَأرْسل الْحسن لَهُ بالأمان فَركب هُوَ وخواصه وَأظْهر أَنه يُرِيد زِيَارَة بعض الْأَوْلِيَاء وهرب إِلَى محطة الإِمَام الْحسن فَأكْرمه وجهزه إِلَى مَكَّة فَرجع رَاضِيا من الْغَنِيمَة بالإياب لَا يملك إِلَّا مَا عَلَيْهِ من الثِّيَاب فوصل إِلَيْهَا فِي دولة مَوْلَانَا المرحوم الشريف زيد بن محسن وَمَعَهُ من أَتْبَاعه دون الْعشْرين وَنزل بحوش السُّلْطَان فِي الكوشك المطل على الْبركَة الْمَعْرُوفَة ببركة الشَّامي فَحصل من أَتْبَاعه نوع تَعدٍ إِلَى بعض الرعايا فألزمه مَوْلَانَا الشريف زيد بالرحيل من يَوْمه وأحضر لَهُ الرحلة فَلم تغرب عَلَيْهِ شمس ذَلِك الْيَوْم فِي مَكَّة وَلما تحقق عسكره فراره عَنْهُم بِتِلْكَ الْحِيلَة أَقَامُوا عَلَيْهِم أَمِيرا مِنْهُم يُقَال لَهُ مصطفى فضبط زبيد وَاسْتمرّ محاصراً فَوق سنتَيْن منتظراً المدد يَأْتِيهِ من مصر فَلم يصل إِلَيْهِ شَيْء وَلما سئم طلب الْأمان فَأعْطَاهُ الإِمَام الْأمان وجهزه بِعشْرين ألف قِرْش
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute