للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذَا من سياسته الَّتِي يحفظ بهَا الْملك ويدوم فقد قَالَ تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُل {فَضلنا بَعضهم على بعض} الْبَقَرَة ٢٥٣ الْآيَة وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمرت أَن أنزل النَّاس مَنَازِلهمْ وَالْحكمَة فِيمَا كَانَ يصنعه الشريف تبعا لأسلافه أَن ذَوي الْبيُوت قد عرفت مَوَدَّتهمْ وإخلاصهم من عروق أسلافهم الأقدمين الثابتي الأساس وانطباعهم على صدق الْمحبَّة والوداد فَإِن الْعرق دساس فَكَانُوا جديرين بِهَذِهِ المزية وَلَو لم يكن فيهم شَيْء من الْفَضَائِل إِلَّا مَا ألف مِنْهُم وَعرف عَنْهُم من الشَّمَائِل وَأما غَيرهم لَو أَنه أعلم أهل زَمَانه فَلم تُوجد فِيهِ هَذِه المزية وَرُبمَا يكون إكرامهم سَببا لحُصُول الأذية قلت هَذَا قَول أَحْمد الْفضل نَاقِلا لَهُ عَن الإِمَام عبد الْقَادِر الطَّبَرِيّ وَهُوَ كَمَا ترى قَول جَائِر فى الْقَضِيَّة صارد عَن روية بزلال الْحق غير روية وطوية على الحقد والحسد مطوية وحاش لله أَن تكون صفة مَوْلَانَا الشريف ذَلِك وعادته تِلْكَ مَعَ أُولَئِكَ إِذْ كَيفَ يسوغ لمولانا إِلْغَاء صفة الْعلم مِمَّن اتّصف بهَا من الأفاضل الْأَعْلَام فَلَا يعظمه بِسَبَبِهَا كَمَا قَالَ هَذَا الشَّخْص وَلَو أَنه شيخ الإٍ سَلام وَلَا يعْتَبر إِلَّا ذَلِك الود بِفَرْض وجود المستور فِي حبات الْقُلُوب وَإِنَّمَا يعلم ذَلِك علام الغيوب حماه الله من ذَلِك مَعَ علمه رَحمَه الله بِأَن الْمَرْء بأصغريه قلبه وَلسَانه فَهُوَ تَحت طي لِسَانه لَا تَحت طيلسانه وَأغْرب من هَذَا كُله قَوْله وَلَو لم يكن فيهم شَيْء من الْفَضَائِل فَمَا أحقه بقول الْقَائِل // (من الطَّوِيل) //

(إِذا كَانَ لَا عِلْمٌ لديْكَ تفيدُنَا ... وَلَا أنْتَ ذَا دِينٍ فنرجُوكَ للدِّينِ)

(وَلَا أنْتَ ممنْ يُرْتَجَى لكريهةٍ ... جعلنَا مِثَالا مثلَ شخصِكَ مِنْ طِينِ)

فَإِذا لم يكن الشَّخْص فِيهِ فَضِيلَة ذاتية والود لَا يُعلمهُ إِلَّا عَالم الْخفية لم يبْق سَبَب للإجلال وَالْإِكْرَام والتحية وَالْقِيَام إِلَّا كبر العمائم وَطول الأكمام والاعتماد على رفات الْعِظَام من الْآبَاء والأعمام وَلَا ينْهض ذَلِك عِنْد رعاع

<<  <  ج: ص:  >  >>