بايزيدخان ابْن السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه وفتشه الْمولى الكرماسني وَقد كَانَ قَاضِيا بهَا وناقشه فِي الْحساب كل المناقشة حَتَّى اضجر وَاغْلُظْ عَلَيْهِ فِي الْكَلَام فعرضه على السُّلْطَان وعزله السُّلْطَان عَن التَّوْلِيَة الْمَذْكُورَة ثمَّ آل بِهِ الْحَال الى ان تولى منصب الاحتساب بِمَدِينَة بروسه وَهُوَ من ادون المناصب عِنْد النَّاس وَكَانَ يسرج دَابَّته بِنَفسِهِ فيوما من الايام حزن على حَاله اشد الْحزن فَترك الْكل وَذهب الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه حاجي خَليفَة وانخرط فِي سلك مريديه وَلبس لِبَاس الْفُقَرَاء وتزيا بزيهم وَقَالَ بعض اعدائه للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان انه صَار مَجْنُونا يعالج فِي مارستان بروسه فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك اذ خرج الشَّيْخ الْمَذْكُور الى جبل بروسه وَاجْتمعَ هُنَاكَ مَعَ مريديه وَكَانَ للشَّيْخ فرس فِي عُنُقه جرس ليمكن وجدانه اذا توغل فِي الغياض فَأمر الشَّيْخ بعض خُدَّامه وَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا الْفرس الى إِبْرَاهِيم وَقل لَهُ يركب الْفرس ويحضر عِنْدِي وَلَا يحل الجرس من عُنُقه قَالَ الرَّاوِي فَبَدَأَ إِبْرَاهِيم باشا من خلال الشّجر وَعَلِيهِ لِبَاس الْفُقَرَاء وناداه الشَّيْخ وَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم لَا تنزل عَن الْفرس الا عِنْدِي قَالَ يَا سَيِّدي الشَّيْخ نعم فَنزل عِنْد الشَّيْخ فَبسط لَهُ الشَّيْخ جلد شَاة وَأمره بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَجَلَسَ وَقَالَ يَا أَيهَا الشَّيْخ ان صَوت هَذَا الجرس الَّذِي منحتمونيه سيبلغ مَشَارِق الارض وَمَغَارِبهَا قَالَ الشَّيْخ ارجو هَكَذَا ان شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم اذْهَبْ غَدا الى مَدِينَة قسطنطينية وَلَا تغفل عَن جَانب السُّلْطَان بايزيدخان وَهُوَ اذ ذَاك كَانَ اميرا على اماسيه فَقبل يدالشيخ وودعه ودعا لَهُ الشَّيْخ بِالْخَيرِ وَالْبركَة قَالَ الرَّاوِي حاكيا عَن إِبْرَاهِيم باشا انه قَالَ لما قدمت الى قسطنطينية لقِيت فِي بعض طرقها السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَهُوَ يذهب مَاشِيا وَعِنْده اربعة نفر من غلمانه وَكَانَ ذَلِك من عَادَته قَالَ فَنزلت عَن فرسي وَقمت فِي جَانب الطَّرِيق فَلَمَّا رَآنِي قَالَ مَا انت إِبْرَاهِيم بن خَلِيل باشا قَالَ قلت نعم قَالَ الْحَمد لله زَالَ جنونك قَالَ قلت نعم قَالَ احضر الدِّيوَان غَدا فَلَمَّا دخل الوزراء عَلَيْهِ فِي الْغَد قَالَ هَل حضر ابْن خَلِيل باشا قَالُوا نعم قَالَ سلوه أَي منصب يُرِيد قَالَ فسألوني فَقلت قَضَاء اماسيه رِعَايَة لوَصِيَّة الشَّيْخ قَالَ فكرروا السُّؤَال فاجبت كالاول فَلَمَّا عرضوه على السُّلْطَان قَالَ الان علمت انه مَا تخلص بعد من الْجُنُون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute