مكفنا كَأَنَّهُ وضع فِي أمس ذَلِك الْيَوْم فَرفع بعض من حَضَره طرف الْكَفَن عَن وَجهه فاذا بشيخ جميل الصُّورَة صَاحب شيبَة عَظِيمَة لم يتَطَرَّق اليه شَيْء من آثَار التَّفَرُّق كَأَنَّهُ حَيّ نَائِم فتعجبنا مِنْهُ وَغلب علينا دهشة وهيبة فَلم نقدم على نَقله واخراجه من قَبره فتركناه وسطحنا قَبره فَبَقيَ دَاخل الْمَسْجِد والشريف هَذَا من اولاد عَليّ بن ابي طَالب كرم الله وَجهه وَكَانَ اماما فِي علم الْكَلَام والادب وَالشعر وَله تصانيف على مَذْهَب الشِّيعَة ومقالة فِي أصُول الدّين وَله ديوَان شعر وَقد اخْتلف النَّاس فِي كتاب نهج البلاغة الْمَجْمُوع من كَلَام الامام عَليّ رَضِي الله عَنهُ هَل هُوَ جُمُعَة ام جمع اخيه الرضي وَله الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ الْغرَر والدرر يشْتَمل على فنون من الادب تكلم فِيهَا على النَّحْو واللغة وَغير ذَلِك ولد رَحمَه الله سنة خمس وَخمسين وثلثمائة وَمَات بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ واربعمائة كَذَا ذكره ابْن خلكان
وَمن الْعلمَاء العاملين والصلحاء الكاملين شاه عَليّ جلبي ابْن المرحوم قَاسم بك
وَهُوَ من الغلمان الَّذين يخدمون فِي دَار السَّعَادَة العامرة فِي عهد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَلما خرج مِنْهَا صَار مُتَوَلِّيًا لبَعض العمائر مِنْهَا عمَارَة بولائر وَكَانَ رجلا من ارباب الْفَلاح واصحاب الزّهْد وَالصَّلَاح ونشا ابْنه المرحوم فِي حجر ابيه المرقوم فَلَمَّا فرق الشمَال من الْيَمين وميز الغث عَن السمين وَعلم ان شرف الانسان على مَا نطق بِهِ نَص الْقُرْآن بِالْفَضْلِ والتقى وَالْعلم والنقا وان الدَّهْر فرص وَأَكْثَره غصص وَالْوَقْت سيف قَاطع والعمر برق لامع سَار نَحْو تَحْصِيل الْعُلُوم الظَّاهِرَة وترتيب اسباب السَّعَادَة فِي الاولى والاخرة وَقَرَأَ على الْعَالم الامجد عبد الرحمن بن عَليّ الْمُؤَيد فَلَمَّا حصل مِنْهَا طرفا صَالحا ترك كل مَا يُحِبهُ ويهواه وتمحض لعبادة مَوْلَاهُ وَكَانَ شَابًّا نَشأ فِي عبَادَة الله وَصَاحب ارباب الْحَقِيقَة وَرِجَال الطَّرِيقَة مِنْهُم الشَّيْخ مَحْمُود النقشبندي وَالشَّيْخ جمال الدّين الخلوتي وَثَبت فِي مداحض السلوك وخلص عَن غياهب الشكوك ثمَّ وزع اوقاته بَين الْعِبَادَة والافادة حَتَّى وصل عمره الى خمس وَسِتِّينَ فحصر وقته فِي الْعِبَادَة