كَانَ ابوه من جملَة من خلص نَفسه السّريَّة عَن الكدرات البشرية وَجمع بَين الشَّرِيعَة والطريقة مَعَ التضلع من الْعُلُوم الرسمية بِالْحَقِيقَةِ وَقد وَقع نبذة من بخار سَمَاء مآثره وقطرة من مواطر سحائب مفاخره فِي الشقائق النعمانية وَسَيَأْتِي فِي هَذِه العجالة الْيَسِيرَة بعض مناقبه الجمة الْكَثِيرَة ولد رَحمَه الله سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بقرية قريبَة من قسطنطينية المحمية من خَواص اوقاف الزاوية الَّتِي بناها السُّلْطَان بايزيدخان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان للشَّيْخ محيي الدّين المسفور وَالِد الْمولى الْمَزْبُور وَقد مهد لَهُ فِي مهده الصَّوَاب وسخر لَهُ ابيات الْخطاب وتربى فِي حجر الْعلم حَتَّى رباه وارتضع ثدي الْفضل الى ان ترعرع وحبا وَلَا زَالَ يخْدم الْعُلُوم الشَّرِيفَة حَتَّى رحب بَاعه واستد ساعده وَاشْتَدَّ اتساعه وَقد اسْتَفَادَ من الاجلة الْكِرَام والاعزة الفخام على مَا ذكره نَفسه فِي صُورَة الاجازة للشَّيْخ عبد الرحمن المشتهر بشيخ زادة فَلَا نطيل الْكَلَام بالتكرار والاعادة وَقد نقل عَنهُ رَحمَه الله انه قَالَ مرّة قَرَأت على وَالِدي الشَّيْخ محيي الدّين حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول الْكتاب الى آخِره مَعَ جَمِيع الْحَوَاشِي المنقولة عَنهُ وَقد قرات عَلَيْهِ شرح الْمِفْتَاح للعلامة المسفور مرَّتَيْنِ وَشرح المواقف لَهُ ايضا بالتمام والكمال وَلما صَار ملازما من الْمولى سَيِّدي جلبي قلد التدريس فِي مدرسة كنقري بِخَمْسَة وَعشْرين فتردد فِي الْقبُول فَنقل فِي اثنائه الى مدرسة اسحق باشا ببلدة اينه كول بِثَلَاثِينَ وَلما انْفَصل عَنْهَا قلد بعد عدَّة اشهر مدرسة دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية بِأَرْبَعِينَ ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة عَليّ باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة بِخَمْسِينَ وَلما بنى الْوَزير مصطفى باشا مدرسته الَّتِي بقصبة ككيويزه نقل اليها ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بِمَدِينَة بروسه ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان وَقد انشد رَحمَه الله لنَفسِهِ عِنْد قفوله عَنْهَا هَذِه الابيات ... دنا النأي عَن نجد فَأَصْبَحت قَائِلا ... وداعا لمن قد حل هذي المنازلا
فيا حبذا تيك المعالم والربا ... بهَا كل من تهوى وَمَا كنت آملا