وَقد اناف عمره على ثَمَانِينَ كَانَ رَحمَه الله رجلا دينا ورعا ذَا حَظّ عَظِيم من الزّهْد وَالصَّلَاح متمسا بسمة ارباب الْفَوْز وافلاح يصرف اكثر اوقاته فِي الْعِبَادَة يتَرَاءَى عَلَيْهِ آثَار الْفَوْز والسعادة وَكَانَ متصلبا فِي دينه قوالا بِالْحَقِّ غير مكترث بمداراة الْخلق وَكَانَت مُدَّة قَضَائِهِ بالعسكر من تواريخ الايام مَذْكُورَة بِالْخَيرِ على السن الْخَواص والعوام ويحكى انه لما قلد قَضَاء دمشق ابى قبُوله فَاجْتمع اليه اصحابه وعدوا عَلَيْهِ دُيُونه وَقَالُوا لَا بُد من قبُوله حَتَّى تقضي هَذِه الدُّيُون فَقبله بعد تردد فِي عدَّة ايام وَكَانَ يَقُول بعده متندما على قبُوله بدلت ديوني الْمَعْلُومَة بالمجهولة وَمَا صنعت شَيْئا غَيره وَلَقَد صدق فِيمَا قَالَ وأتى باحسن الْمقَال
وَمِنْهُم الْعَالم الامجد والبارع الاوحد الْمولى شاه مُحَمَّد بن حزم
كَانَ رَحمَه الله من اولاد ولي الله الْمولى جلال الدّين القنوي صَاحب المثنوي الْفَارِسِي ولد رَحمَه الله بقصبة قره حِصَار ونشا على تَحْصِيل الْعُلُوم والمعارف فِي هَذِه الديار ثمَّ اتَّصل الى الْمولى محيي الدّين المشتهر بمرحبا فَاسْتَفْتَحَ بِهِ مغالق الْفُنُون وَاسْتَوْسَعَ مضايق السجون وَأخذ مِنْهُ الْعُلُوم الْمُخْتَلفَة الانواع باتقان وابداع وقطف من رياض الْفَضَائِل أثمارها وأنوارها وَبلغ من لجج المعارف اعماقها وأغوارها ثمَّ وصل الى مجْلِس الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد المشتهر بجوي زَاده فاكثر من التَّحْصِيل والاستفادة حَتَّى صَار ملازما مِنْهُ بطرِيق الاعادة فتميز من اقرانه ففاز بحظ الظُّهُور وَحَازَ قصبات السَّبق من بَين ذَلِك الْجُمْهُور ثمَّ درس بمدرسة الْمولى خسرو ببروسه بِعشْرين ثمَّ الْمدرسَة السِّرَاجِيَّة بِمَدِينَة ادرنه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْجَامِع الْعَتِيق بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رستم باشا بكوتاهيه باربعين ثمَّ الْمدرسَة المبنية بقسطنطينية المحمية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة بنت السُّلْطَان بقصبة اسكدار وَقد قرات عَلَيْهِ فِي هَذِه الْمدرسَة جزأ من شرح المواقف للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول مبَاحث الْكمّ وَقد عرضت عَلَيْهِ فِي الدَّرْس الاول كلامين فِي حَاشِيَة الْمولى حسن جلبي على ذَلِك فَقَالَ قَرَأت هَذَا الْمقَام على الْمولى جوى زَاده فعرضت عَلَيْهِ هذَيْن الْكَلَامَيْنِ فاستحسنهما ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ جزأ من كتاب الْهِدَايَة ثمَّ نقل عَنْهَا الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute