وأتى من الزّهْد وَالْعِبَادَة بِمَا هُوَ فَوق الْعَادة واجتهد بِالْقيامِ وَالصِّيَام حَتَّى كَانَ يفْطر مرّة فِي ثَلَاثَة ايام واجتنب المَاء سِتَّة اشهر وَلم يشرب وَنِعما ذَلِك المشرب وَلما وصل الشَّيْخ المسفور الى رَحْمَة ربه الغفور وانتصب مَكَانَهُ الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بمركز انف المرحوم من مبايعته وَتَأَخر عَن مُتَابَعَته الى ان راى فِي مَنَامه مَجْلِسا عَظِيما حضر فِيهِ الرَّسُول الاكرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالشَّيْخ مصلح الدّين الْمَزْبُور قَامَ على كرْسِي يُفَسر سُورَة طه بتحقيق تَامّ فِي حَضْرَة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وعَلى رَأس الشَّيْخ عِمَامَة ترى تَارَة خضراء وَتارَة سَوْدَاء فَسئلَ المرحوم من بعض الْحَاضِرين فاجاب ان خضرتها تُشِير الى تَمام شَرِيعَته وسوادها الى كَمَال جِهَة طَرِيقَته فَترك التأنف بعد ذَلِك وعد صحبته من احسن المسالك ودام لَدَيْهِ على الِاجْتِهَاد الى ان كمل الطَّرِيقَة الخلوتية واذن لَهُ فِيهَا بالارشاد ثمَّ انْتَقَلت بِهِ الاحوال الى ان فوض اليه المشيخة فِي زَاوِيَة مصطفى باشا بقسطنطينية المحمية فسلك مَسْلَك الْمَشَايِخ السَّادة فِي تربية ارباب الارادة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الطلاب ودخلوا عَلَيْهِ من كل بَاب وَكَانَ يعظ فِي الْجَامِع الشريف باحسن وَجه واوضح طَرِيق ويفسر الْقُرْآن الْكَرِيم فِي انبائه باتقان وَتَحْقِيق وَينْتَفع النَّاس بمجالسه الشَّرِيفَة ونصائحه اللطيفة الى ان توفّي رَحمَه الله فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة ضاعف الله حَسَنَاته وافاض علينا من سِجَال بركاته
وَمن عُلَمَاء الْعَصْر والزمن الْمولى مُحَمَّد بن خضر شاه بن محمدالمشتهر بِابْن الحاجي حسن
كَانَ ابوه من قُضَاة بعض الْبلدَانِ وجده المسفور توفّي قَاضِيا بالعسكر فِي أَيَّام السُّلْطَان بايزيدخان وَقَرَأَ المرحوم على افاضل عصره وَصَارَ ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ تقلد الْمدرسَة القزازية بِمَدِينَة بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة عبد السلام بجكمجه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رستم باشا بكوتاهية باربعين ثمَّ مدرسة خانقاه بقسطنطينية بِخَمْسِينَ وَهُوَ مدرس بهَا بَعْدَمَا جعلت مدرسة فانه لما ابتنتها السَّيِّد ة حرم زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان جَعلتهَا خانقاها للصوفية ثمَّ بدلتها مدرسة لاقْتِضَاء بعض الامور وشرطت لمن يدرس