للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد التّونسِيّ مولدا الغوثي شهرة

دخل مَدِينَة قسطنطينية فِي أَيَّام دولة سلطنة سلطاننا الاعظم أعز الله تَعَالَى انصاره وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما وَسكن مُدَّة فِي عمَارَة الْوَزير مَحْمُود باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة قَرَأت عَلَيْهِ من اول صَحِيح البُخَارِيّ ونبذا من كتاب الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض وباحثت مَعَه فِي عدَّة فنون مِنْهَا علم الجدل وَعلم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعلم الْكَلَام وَأَجَازَ لي ان اروي عَنهُ جَمِيع مسموعاته ومقروآته وَجَمِيع مَا يجوز لَهُ وَيصِح عَنهُ رِوَايَته اجازة ملفوظة مَكْتُوبَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى آيَة كبرى من آيَات الله تَعَالَى فِي الْفضل والتوفيق وَالْحِفْظ وَالتَّحْقِيق وَكَانَ يقرا الْقُرْآن الْعَظِيم على السَّبْعَة بل الْعشْرَة من حفظه بِلَا مطالعة كتاب وَكَانَ يعرف علم النَّحْو فِي غَايَة مَا يُمكن وَكَانَ الشَّرْح المطول للتلخيص مَعَ حَوَاشِيه للسَّيِّد الشريف فِي حفظه من اوله الى آخِره مَعَ اتقان وتحقيقات وتدقيقات زَائِدَة من عِنْده وَكَذَا شرح الطوالع للاصفهاني وَكتاب شرح المواقف للسَّيِّد الشريف كَانَا محفوظين لَهُ مَعَ اتقان وتدقيق وَكَذَا شرح الْمطَالع للعلامة قطب الدّين الرَّازِيّ كَانَ فِي حفظه من اوله الى آخِره وَكَانَت قَوَاعِد الْمنطق مَحْفُوظَة لَهُ بِحَيْثُ لَا يغيب شَيْء مِنْهَا عَن خاطره وَكَذَا التَّلْوِيح فِي شرح التَّوْضِيح وَشرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب للْقَاضِي عضدالدين مَعَ حَوَاشِيه فِي حفظه مَعَ اتقان وتدقيق وَلم نجد شيأ من قواعدالعلم اصولها وفروعها الا وَهُوَ مَحْفُوظ لَهُ وَكَذَا الْكَشَّاف مَعَ حَوَاشِي الطَّيِّبِيّ كَانَ مَحْفُوظًا لَهُ من اوله الى آخِره وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ من مُفْرَدَات الدُّنْيَا وجبلا من جبال الْعلم الشريف وَمَعَ ذَلِك كَانَ لين الْجَانِب طارحا للتكلف ومتصفا بالاخلاق الحميدة وَكَانَ مشتغلا بِقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَظِيم فِي أَعم اوقاته وَكَانَ يطالع من حفظه كل مَا أَرَادَهُ من الْعُلُوم وَلم يكن عِنْده كتاب وَلَا ورقة اصلا وَقد اشْتغل ببلاده اشتغالا عَظِيما وَحكى لي بعض مجاهداته فِي الْعلم الشريف وخطر ببالي عِنْد حكايته انها خَارِجَة عَن طوق الْبشر وَلكنهَا يسيرَة على من يسر الله لَهُ انه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قدير على مَا يَشَاء

<<  <   >  >>