بادرنه وانحلت فِي ذَلِك الْيَوْم مدرسة من الْمدَارِس الثمان قَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اعطيها للْمولى مصلح الدّين فَلَا أَحَق مِنْهُ بِتِلْكَ الْمدرسَة قَالَ الْوَزير اعطيتموه الْيَوْم مدرسة بادرنه قَالَ لَا بَأْس هُوَ مُسْتَحقّ لذَلِك وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة اعطاه مدرسته الاولى وَهِي مدرسة مناستر ثمَّ اعطاه مدرسته الثَّانِيَة بادرنه وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى خَفِيف اللِّحْيَة احمر اللَّوْن عَظِيم الجثة جدا حَتَّى كَانَ لَا يحملهُ الافرس قوي غَايَة الْقُوَّة وَكَانَ اذا لم يحضر وَاحِد من طلبته مَوضِع الدَّرْس يذهب الى حجرته بعد الدَّرْس فان كَانَ مَرِيضا يعودهُ والا فيوبخه غَايَة التوبيخ ويهدده تهديدا عَظِيما قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى أَتَى خَالِي من بَلْدَة قسطموني الى مَدِينَة ادرنه فاردنا ضيافته فِي بعض الْبَسَاتِين فِي يَوْم من ايام الدَّرْس فاستأذنت الْمولى الْمَذْكُور فِي ذَلِك فَغَضب عَليّ وَقَالَ جعلت ذَلِك مَانِعا عَن الدَّرْس ولاي شَيْء مَا جعلت الدَّرْس مَانِعا عَنهُ وَقَالَ وَلَوْلَا حيائي من خَالك لرددتك عَن الْمدرسَة روح الله تَعَالَى روحه
وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين
كَانَ اصله من ولَايَة ايدين قَرَأَ اولا على عُلَمَاء الرّوم ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ هُنَاكَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَرَب وَقَرَأَ هُنَاكَ ايضا على علمائها وَحصل طرفا صَالحا من الْعُلُوم وتمهر فِي علمي البلاغة وفَاق أهل زَمَانه فِي علم النغمات ثمَّ ارتحل الى بِلَاده وَصَحب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لاجل علم النغمات وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب ثمَّ وَقع مِنْهُ سوء ادب فِي بعض الايام فابعده عَن حَضرته فاتى مَدِينَة بروسه وَاعْتَزل عَن النَّاس وَقعد فِي بَيته وَكَانَ إِذا نفدت نَفَقَته يظْهر من بَيته فيجتمع عَلَيْهِ أهل النغمات وَيَأْخُذ من وَاحِد مِنْهُم درهما وَاحِدًا لاجل عرضة وَاحِدَة فِي صَنْعَة النغمات وَيجمع بذلك دَرَاهِم كَثِيرَة ثمَّ يدْخل بَيته وَلَا يخرج الى ان تنفد نَفَقَته وَهَكَذَا كَانَ حَاله الى ان توفّي فِي حُدُود التسْعمائَة وَكَانَ لَا تصحبه الا بنته الْمُسَمَّاة بيتيمة واختل دماغه فِي آخر عمره لاغتمامه من اجل مُفَارقَته عَن صُحْبَة السُّلْطَان وَكَانَ إِذا اهدي اليه هَدِيَّة لَا يأكلها ويتوهم ان فِيهَا سما وَكَانَ ينظم القصائد الْعَرَبيَّة والفارسية والتركية ويمدح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute