جَزِيرَة قبرس فأنفذ اليه جَيْشًا وامر عَلَيْهِم وزيره الرَّابِع مصطفى باشا فقرن الْمُسلمُونَ بميامن التأييد والنصر وانخذل الْكفَّار فوقعوا فِي شرك الْقَتْل واسر وملئت هَذِه الدَّار بالنهب والغارة وزينت اكنافها بشعائر الاسلام من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام وَقد ارسل بحريّة وبرية للحرب الى اقصى ممالك الغرب فشحنت السفن بِرِجَال لباسهم حَدِيد وَقُلُوبهمْ جلاميد فنزلوا كالقضاء المبرم على رُؤُوس الْكَفَرَة اللئام ونازلوا مَدِينَة تونس وفتحوها عنْوَة فِي عدَّة ايام واستخلصوها من يَد الْكفَّار واستأصلوا من بهَا من الفجرة الشرار واستولوا على القلعة الموسومة بحلق الوادالتي لم يخلق مثلهَا فِي الْبِلَاد وَكَانَت من احصن معاقل الْكفَّار واحسن مَا بني من القلاع المتان فِي هَذِه الديار عذراء مَا خطبهَا اُحْدُ من الْمُلُوك ذَوي الجدود الاوقابلته بالردود والصدود فأسهرها الْمُسلمُونَ كل سيف مسلول حَتَّى تيَسّر لَهُم بحول الله تَعَالَى الوصلة وَالدُّخُول فَلَمَّا ظفروا بهَا اولدوها اليباب والخراب وجعلوها مثابة للبوم والغراب وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حَاله من المفاخر والمآثر مصداق مَا قَالَه الشَّاعِر ... هُوَ الْمُقِيم وَقد سَارَتْ مآثره ... كَأَن علياه من دُنْيَاهُ تنتظم ...
حَيْثُ لم يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ حَتَّى اوصلته الْمنية الى رمسه وَيُقَال انه رَحمَه الله مَاتَ بِالْعِلَّةِ الْمَعْرُوفَة بليث عب وَقد جَهله رَئِيس الاطباء ابْن غرس الدّين فَظَنهُ برساما فعالجه بعلاجه فازداد الْمَرَض وَاسْتقر بِهِ الْعرض فَلم يَنْفَعهُ الطَّبِيب والحكيم ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم وَكَانَ منهمكا على لذاته فِي الْمسَاء والصباح ويكب على اللّعب وَاللَّهْو ويرجح السكر على الصحو مبتلى بِشرب الراح ومبتهجا بالكؤوس والاقداح فَكَأَنَّهُ عمل بِمَا قيل وَجعل عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد والتعويل ... اشرب على زهر الرياض يشوبه ... زهر الخدود وزهرة الضحياء
من قهوة تنسي الهموم وتبعث الش ... وق الَّذِي قد ظلّ فِي الاحشاء ...
وَقد من الله تَعَالَى عَلَيْهِ قبل مَوته بالتيقظ الْعَظِيم والتنبه التَّام فاعرض عَن الملاهي وَرغب فِي صُحْبَة الْمَشَايِخ الْكِرَام وَقعد عَن كل خلق ردي وَتَابَ على يَد