الْعَسْكَر اراد ان يسْلك مَسْلَك التصوف عِنْد الشَّيْخ الْمَذْكُور فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ النِّهَايَة تَابِعَة للبداية فَمن سلك المسلك الْمَذْكُور بِقطع جَمِيع الْعَوَائِق يكون سلوكه على ذَلِك فِي النِّهَايَة وَلَكِن يجوز ان يسْلك على الِاعْتِدَال وَلَا يلْزم على المريد ان يعْتَقد فِي شَيْخه الْكَرَامَة وَالْولَايَة بل يَكْفِي لَهُ ان يَعْتَقِدهُ سالكا طَرِيق الْحق واصلا اليه وجاريا على منهاج الطَّرِيقَة والشريعة ثمَّ قَالَ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ ان ينظر الى شَيْء كَانَ لَا يلوي عُنُقه الى ذَلِك الْجَانِب فَقَط بل يتَوَجَّه اليه بكليته قَالَ فَفِيهِ اشارة الى ان الطَّالِب يَنْبَغِي ان يتَوَجَّه الى مَطْلُوبه بكليته حَتَّى يحصل لَهُ ذَلِك وَحكي ان الْمولى الْمَذْكُور لما طلب من الشَّيْخ الْمَذْكُور الاذن بالرياضة وَترك اكل الْحَيَوَانَات قَالَ الشَّيْخ اني مَا اكلت حَيَوَانا وَمَا شربت مَاء سِتَّة اشهر فِي أَوْقَات رياضة وَمَا انتفعت بذلك بل بامتثال امْر الشَّيْخ وَمن كَلَامه الشريف ايضا ان وَاحِدًا من المريدين قَالَ لَهُ يَوْمًا رُبمَا يمر عَليّ وَقت لَا اقدر على التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الشَّهَادَة ويخطر ببالي ان وَاحِدًا لَو قَالَ فِي احضور السُّلْطَان كل وَقت لَا سُلْطَان اكبر مِنْك يعد هَذَا سوء ادب وَمن الْمَعْلُوم انه لَا اله الا الله فَذكره فِي حُضُوره كل وَقت يكون بَعيدا عَن الادب فَقَالَ الشَّيْخ هَذَا معنى الاحسان فَمن وصل اليه يَكْفِيهِ ان يُلَاحظ حُضُور الْحق وَذَلِكَ الرجل قَالَ رُبمَا لَا أقدر على مُلَاحظَة معنى الذّكر ايضا بل لَا اقدر على الدُّعَاء فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين مَا قدرت ان ادعو الله تَعَالَى مُدَّة سِتَّة وَشهر وَقَالَ الشَّيْخ عِنْد ذَلِك الْوَقْت يكل اللِّسَان فيكفيه مُلَاحظَة حُضُور الْحق قَالَ الرجل وترتعد اعضائي قَالَ الشَّيْخ هَذَا ابْتِدَاء الْحُضُور وَلَو قدرت على الصَّيْحَة لَكَانَ ازيد وَحكي ان الْفَاضِل قَاضِي زَاده كَانَ قَاضِيا ببروسه فِي ذَلِك الْوَقْت وَقد حضر يَوْمًا عندالشيخ الْمَذْكُور فَسَأَلَهُ عَن مَذْهَب الجبرية وَمذهب اهل الْحق فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ الْجَبْر قِسْمَانِ جبر مُحَقّق وجبر مقلد اما جبر الْمُحَقق فَهُوَ تَفْوِيض اموره جَمِيعًا الى الله تَعَالَى واسقاط اخْتِيَاره بعد الِامْتِثَال بالأوامر والاجتناب عَن المناهي واما جبر الْمُقَلّد فَهُوَ تَفْوِيض اموره الى هَوَاهُ وَاتِّبَاع شهوات نَفسه واسقاط ارادته فِي الاوامر والنواهي ويتمسك بِأَنَّهُ لَيْسَ لي اخْتِيَار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute