قَاصِدا الى زِيَارَة بَيت الله الْحَرَام واقامة شَعَائِر شرائع الاسلام فَلَمَّا تيَسّر لَهُ الْحَج وَحصل لَهُ الرّوم رام الدُّخُول فِي بلادالروم فانتقل من بلد الى بلد وَمن مَدِينَة الى مَدِينَة حَتَّى وصل الى قسطنطينية فَاجْتمع بِمن فِيهَا من الافاضل الفحول وباحث مَعَهم فِي الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَلما اجْتمع بالمولى ابي السُّعُود اضمحل عِنْده وَلم يظْهر لَهُ وجود وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما من بَيت المَال فَلم يجد فِيهَا مَا يرضيه من التَّوَجُّه والاقبال فَلم يخْتَر الاقامة فِي هَذِه الْبَلدة البديعة وَخرج الى ديار بكر وَرَبِيعَة فَلَمَّا وصل الى آمد وشاع لَهُ المحاسن والمحامدا ستدعاه اميره اسكندر باشا وَصَاحبه فَاسْتَحْسَنَهُ واعجبه وَبَالغ فِي ثنائه وعطائه وعينه معلما لنَفسِهِ وابنائه وَزَاد على وظيفته وأبرم عَلَيْهِ الاقامة فِي الْبَلدة المسفورة ثمَّ قلدالمدرسة الَّتِي بناها خسرو باشا فِي الْبَلدة المزبورة وارسل اليه المنشور من جَانب السُّلْطَان بَان يلْتَحق بزمرة الموَالِي فَتعين كل نوبَة ثَلَاثَة من طلبته لملازمة الْبَاب العالى فدام على الدَّرْس والافادة حَتَّى درسه الدَّهْر واباده وَذَلِكَ فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَقد اناف عمره على سِتِّينَ سنة
كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا كَامِلا عُزَيْر الْفَهم كثير الاحاطة وَاسع الْمعرفَة مشاركا فِي الْعُلُوم النقلية صَاحب الْيَد الطُّولى فِي الْفُنُون الْعَقْلِيَّة شرح تَهْذِيب الْمنطق والتذكرة من علم الْهَيْئَة ورسالة الْمولى فِي الْفَنّ الْمَزْبُور وَكتب فِيهِ متْنا لطيفا وعلق حَاشِيَة على شرح الْهِدَايَة الْحكمِيَّة للْقَاضِي مير حُسَيْن وحاشية على شرح الطوالع للاصفهاني وحاشية على شرح الْمولى جلال للتهذيب وحاشية على بعض الْمَوَاضِع من شرح المواقف للشريف الْجِرْجَانِيّ وحاشية على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ الى آخر الزهراوين وَشرح شمائل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعربي والفارسي وَجمع تَارِيخا كَبِيرا على لِسَان فَارس من بَدْء الْعَالم الى زَمَانه وَكتب على مَوَاضِع من الْهِدَايَة ورسائل عديدة يطول ذكرهَا وَقصد مُعَارضَة الْمُفْتِي ابي السُّعُود فِي قصيدته الميمية وكلف نَفسه مَا لَيْسَ فِي وَسعه فَكَانَ فِي الآخر مصداق مَا قَالَه الشَّاعِر ... اذا لم تستطع امرا فَدَعْهُ ... وجاوزه الى مَا تَسْتَطِيع ...