عَلَيْكُم ويسألكم عَن فصوص الشَّيْخ ابْن الْعَرَبِيّ هَل هُوَ على الْحق اَوْ الْبَاطِل وَكَانَ الْمولى الْمَزْبُور مَعْرُوفا بتبطيله ومشهورا بالتعصب عَلَيْهِ فَلَمَّا سَمعه الشَّيْخ غضب وَقَالَ مَا يطْلب من ارسلك من الشَّيْخ وَهل يُرِيد الِاطِّلَاع على دُرَر مكامن هَذَا الْكتاب وغرر مَا فِي تضاعيفه مَعَ اكله فِي كل يَوْم سبع مَرَّات وشبعه من الْحَرَام وَالشَّيْخ قدس سره مَا كتبه الا بَعْدَمَا ارتاض خمس عشرَة سنة فَعَاد الرَّسُول بِأَسْوَأ وَجه وأقبح صُورَة قَالَ المرحوم فَقلت لَهُ لَو تلطفتم بِهِ وداريتم فِي الْجَواب لَكَانَ اسْلَمْ لكم ولأحبابكم بعد كم فان لَهُ قدرَة على الجفا والاذى فَقَالَ لَا بَأْس بهم غَايَة الامر انهم يعقدون مَجْلِسا ويدعونني اليه فَنَجْعَل هَكَذَا قَالَ المرحوم لما تكلم الشَّيْخ هَذِه الْكَلِمَة جذب جيبه على وَجهه فَغَاب عَن مَوْضِعه الَّذِي هُوَ فِيهِ فَأَخَذَتْنِي الْحيرَة وَالِاضْطِرَاب واحاطت بِي الدهشة الى ان جَاءَ وَحضر بعد سَاعَة وَقَالَ هَكَذَا نَفْعل اذا اضطررنا فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي هَل هُوَ من علم السيمياء قَالَ لَا وَلَكِن يحصل للنفوس الناطقة بِسَبَب المجاهدات الشاقة والرياضات الصادقة اتِّصَال بالمجردات فتقتدر على اعدام بدنهَا وايداعها فِي آن وَكَذَا يحصل لَهَا الْقُدْرَة على مَا يشبههما من الأفاعيل العجيبة والامور الغريبة
ولنعد الى مَا كُنَّا فِيهِ وَهُوَ انه لما تَابَ على يَد الشَّيْخ وتلقن الذّكر عَنهُ وَدخل حجرَة من حجرات الزاوية المزبورة لم يرض الشَّيْخ بفراغه عَمَّا فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَجمع بَين الطَّرِيقَيْنِ حَتَّى بلغ رُتْبَة التدريس وَكَانَ يخرج من الْحُجْرَة وَيذْهب الى الْمدرسَة ويدرس فِيهَا وَيعود الى الْحُجْرَة فيشتغل بِالذكر الى ان غلب عَلَيْهِ الْحَال وانكشف الْمَآل وحبب لَهُ الِانْقِطَاع والاعتزال فَترك التدريس والافادة وتمحض للزهد وَالْعِبَادَة الى ان حصل وكمل وَبلغ مَرَاتِب الكمل وفوض اليه المشيخة فِي زَاوِيَة دَاخل قسطنطينية فاشتغل بالارشاد والافادة وتربية ارباب الارادة الى ان توفّي رَحمَه الله فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَصلي عَلَيْهِ فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاجْتمعَ فِي جنَازَته خلق كثير لَا يُحصونَ عددا وَدفن فِي دَاخل قسطنطينية تجاه زاويته المزبورة وَبني على قَبره كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا عابدا صَالحا معرضًا عَن أَبنَاء الدُّنْيَا غير مكترث بالاغنياء لم يدْخل