للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الِالْتِفَات اليهم والاعراض عَن كَلَامهم فَسَأَلته رَحمَه الله عَن كَيْفيَّة رُؤْيَته واطلاعه على اهل الْقُبُور فَقَالَ رَحمَه الله رَأَيْتهمْ قَاعِدين فِي قُبُورهم كالاحياء فِي بُيُوتهم فَمنهمْ من اتَّسع قَبره فَبَقيَ فِي السعَة والحبور والرفاهية وَالسُّرُور وَمِنْهُم من لَا يقدر على الْقيام لضيق الْمقَام وَمِنْهُم من امْتَلَأَ قَبره بالدخان وَمِنْهُم من احمي قَبره بالنيران وَرَأَيْت بَعضهم فِي غَايَة الضعْف وَالِاضْطِرَاب ويتألم ويضطرب كالسحاب والسراب وَأَنا اتكلم مَعَهم واستخبر حَالهم واستفسر اسباب مَوْتهمْ فيجيبون ويسالونني الدُّعَاء وانا اجد نَفسِي فِي اثناء ذَلِك تَارَة فِي قسطنطينية وَتارَة فِي بروسه وَتارَة فِي غَيرهمَا من الامكنة الَّتِي مَا رَأَيْتهَا قطّ وانا فِي جَمِيع ذَلِك كالهائم الولهان الَّذِي مَسّه الجان وَكنت فِي غَايَة الْعَجز عَن اكل الطَّعَام لظُهُور نَجَاسَته وانكشاف عدم طَهَارَته ودامت هَذِه الْحَالة لي مُدَّة سَبْعَة اشهر فَبينا انا مُقيم بدار وَالِدي وَقد انْتَشَر سَواد اللَّيْل فِي الافاق ونام كل من فِي الْبَيْت من الصَّغِير وَالْكَبِير اذ جَاءَ رجل فاخذ بيَدي وَذهب فَذَهَبت مَعَه فمررنا بمواضع غَرِيبَة وأمكنة عَجِيبَة مَا رَأَيْتهَا وَلَا سَمعتهَا من قبل حَتَّى وصلنا الى سفح جبل وَرَأَيْت فِيهِ شخصا قَاعِدا فَتقدم الرجل فِيهِ وَقَالَ جِئْت بطلبك وقدمني اليه فَجَلَست بحذائه فاخذ ذَلِك الشَّخْص بيَدي الْيُمْنَى فَوضع فِيهَا عَلامَة فاذا جِيءَ بشخص آخر فعل بِهِ مَا فعل بِي ثمَّ امرنا بِالْقيامِ وَالدُّخُول الى حَظِيرَة هُنَاكَ فَلَمَّا ذَهَبْنَا اليه فتح لنا بَاب الحظيرة فَنَظَرْنَا الى داخلها فرأيناها مَمْلُوءَة من النيرَان الصافية لَيْسَ فبها دُخان وَلَا سَواد فامتنعنا عَن الدُّخُول فاجبرنا عَلَيْهِ وأغلق الْبَاب من وَرَائِنَا فَعمِلت النَّار فِينَا مَا تعْمل فِي امثالنا واحترقنا بهَا بِحَيْثُ لم يبْق منا مَوضِع لَا فِي ظَاهر الْجَسَد وَلَا فِي بَاطِنه الا وَقد مسته النَّار ثمَّ فتح الْبَاب وأمرنا بِالْخرُوجِ وَجَاء الرجل وَأخذ بيَدي واوصلني الى مَكَاني الَّذِي اخذني مِنْهُ فَلَمَّا اصبحت وَقَامَ وَالِدي الى الصَّلَاة جَاءَ الي ورآني متنكرا مضطربا مِمَّا وَقع لي من شَدَائِد هَذِه اللَّيْلَة فَسَأَلَنِي عَن هَذِه الْحَالة فقصصت لَهُ الْوَاقِعَة فَقَالَ ان هَذِه النَّار جذبة من نيران الْمحبَّة والهيام ولمعة من حرارة الْعِشْق والغرام وان هَذِه الْوَاقِعَة تدل على انك ستصير طَالبا للحق ومحبا للتصوف واربابه قَالَ رَحمَه الله فَمن هَذِه

<<  <   >  >>