لبسته حصل لي من الْفتُوح والكشوف مَالا يحْتَملهُ الْبَيَان ثمَّ قَالَ بَارك الله لَك فِي بلوغك هَذِه الْمرتبَة السّنيَّة فانه كمل طريقك وانْتهى امرك ثمَّ خرج من الْمَسْجِد وَغَابَ من فوره وَبَقِي عَليّ الثَّوْب وَكن ظَنَنْت ان جَمِيع الْحَاضِرين اطلعوا على هَذِه الاحوال فاذا هم غافلون عَن جَمِيع مَا جرى بَيْننَا وَلم يطلعوا على مَجِيء الشَّيْخ وَلم يرَوا قيامي لَهُ قَالَ رَحمَه الله وَقد لبست هَذَا الثَّوْب مُدَّة حَتَّى تخرق عَليّ وخلفته فِي الْبَيْت (قلت) وَهَذَا غير مستبعد من امثال اولئك الفحول وَقد وَقع نَظَائِره لافرادالناس مِنْهَا مَا حَكَاهُ الشَّيْخ محيي الدّين احْمَد بن إِبْرَاهِيم النّحاس الدِّمَشْقِي فِي كِتَابه الْمُسَمّى بمشارع الاشواق قَالَ تَوَجَّهت الى الاسكندرية فِي سنة احدى وَثَمَانمِائَة فمررت برشيد فرافقني جمَاعَة من اعيانها فمررنا بتل يعرف بتل بوري وَقد كَانَ حصل فِيهِ معركة بَين الْمُسلمين والفرنج وَاسْتشْهدَ بِهِ جمَاعَة فحكوا عَن رجل من اهل رشيد واثنوا عَلَيْهِ خيرا انه مر لَيْلَة بِهَذَا التل فَوجدَ بِهِ عسكرا وخياما ونيرانا فَظن انه السِّرّ كرّ جَاءَ من الْقَاهِرَة وَنزل هُنَالك قَالُوا فَدخل بَينهم فَسَأَلُوهُ الى ايْنَ تتَوَجَّه فاخبرهم انه مُتَوَجّه الى الْقَاهِرَة فَقَالَ لَهُ بَعضهم اني مُرْسل مَعَك كتابا الى أَهلِي فاوصله اليهم ثمَّ كتب الْكتاب وَدفعه اليه وعرفه امارة بَينه وَبَين اهله فَلَمَّا وصلت الى الْقَاهِرَة سَأَلت عَن الْبَيْت فارشدت اليه فَلَمَّا طرقت الْبَاب قَالُوا مَا تُرِيدُ قلت معي كتاب من فلَان فَقَالُوا انت مَجْنُون ان فلَانا قتل فِي الْوَقْعَة برشيد مُنْذُ سِنِين فَلَمَّا ذكرت لَهُم الامارة عرفُوا صدقي وَدفعت اليهم الْكتاب فتعجبوا لذَلِك غَايَة التَّعَجُّب انْتهى كَلَامه
وَله فِي هَذَا الْبَاب نَظَائِر كَثِيرَة اضربنا عَن ذكرهَا وَمن كرامته قدس سره مَا حَكَاهُ الشَّيْخ عَلَاء الدّين الْمَذْكُور وَهُوَ سَبَب دُخُوله فِي سلك التصوف فَإِنَّهُ كَانَ رَحمَه الله فِي اوائل امْرَهْ من افراد السُّلْطَان بايزيد خَان فاتفق انه غزا مرّة بعض بِلَاد الْكفَّار فسافر هُوَ مَعَهم وَلما قَفَلُوا من هَذِه الْغَزْوَة اخذهم فِي اثناء الطَّرِيق برد شَدِيد وامطار كَثِيرَة وسحائب هاطلة وسيول هائلة فَمر المرحوم قبل الْمغرب بقرية ليضيف اهلها فابوا ان يضيفوه فَذهب عَنْهَا وَقد اقبل بسواده اللَّيْل وأمطر السَّمَاء وَكثر السَّيْل وَأمسى كل وَاد كالبحر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute