فَاسْتحْسن السُّلْطَان قايتباي هَذَا الْكَلَام وَأَعْطَاهُ مَالا جزيلا وهيأ لَهُ مَا يحْتَاج اليه من حوائج السّفر وَبعث مَعَه هَدَايَا عَظِيمَة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَلَمَّا جَاءَ الى قسطنطينية اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَضَاء بروسه ثَانِيًا وَوَقع ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ودام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ قَلّدهُ منصب الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم وَفِي كل شهر عشْرين الف دِرْهَم وَفِي كل سنة خمسين الف دِرْهَم سوى مَا يبْعَث اليه من الْهَدَايَا والتحف وَالْعَبِيد والجواري وعاش فِي كنف حمايته مَعَ نعْمَة جزيلة وعيش رغد وصنف هُنَاكَ تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَسَماهُ غَايَة الاماني فِي تَفْسِير السَّبع المثاني اورد فِيهِ مؤاخذات كَثِيرَة على العلامتين الزَّمَخْشَرِيّ والبيضاوي وصنف ايضا شرح البُخَارِيّ وَسَماهُ بالكوثر الْجَارِي على رياض البُخَارِيّ ورد فِيهِ كثيرا من الْمَوَاضِع لشرح الْكرْمَانِي وَابْن حجر وصنف حَوَاشِي مَقْبُولَة لَطِيفَة على شرح الجعبري للقصيدة الشاطبية واقرأ الحَدِيث وَالتَّفْسِير وعلوم الْقُرْآن حَتَّى تخرج من عِنْده كثير من الطلاب وتمهروا فِي الْعُلُوم الْمَذْكُورَة وَكَانَت اوقاته مصروفة الى الدَّرْس وَالْفَتْوَى والتصنيف وَالْعِبَادَة حكى بعض من تلامذته انه بَات عِنْده لَيْلَة فَلَمَّا صلى الْعشَاء ابْتَدَأَ بِقِرَاءَة الْقُرْآن من اوله قَالَ وَأَنا نمت ثمَّ استيقظت فَإِذا هُوَ يقرا ثمَّ نمت فَاسْتَيْقَظت فَإِذا هُوَ يقرا سُورَة الْملك فاتم الْقُرْآن عِنْد طُلُوع الْفجْر قَالَ سَأَلت بعض خُدَّامه عَن ذَلِك فَقَالَ هَذِه عَادَة مستمرة لَهُ وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا مهيبا طوَالًا كَبِير اللِّحْيَة وَكَانَ يصْبغ لحيته وَكَانَ قوالا بِالْحَقِّ وَكَانَ يُخَاطب الْوَزير وَالسُّلْطَان باسمه وَكَانَ إِذا لَقِي السُّلْطَان يسلم عَلَيْهِ وَلَا ينحني لَهُ ويصافحه وَلَا يقبل يَده وَلَا يذهب اليه يَوْم عيد الا إِذا دَعَاهُ وَسمعت عَن ثِقَة انه ذهب اليه يَوْم عَرَفَة وَكَانَ يَوْم مطر فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيد خَان فجَاء اليه وَاحِد من الخدام وَقَالَ السُّلْطَان يسلم عَلَيْكُم ويلتمس مِنْكُم ان تشرفوه غَدا فَقَالَ الْمولى لَا أذهب وَالْيَوْم يَوْم وَحل اخاف ان يتوحل خَفِي فَذهب الْخَادِم فَلم يلبث الا ان جَاءَ وَقَالَ سلم عَلَيْكُم السُّلْطَان واذن لكم ان تنزلوا عَن الدَّابَّة فِي مَوضِع نزُول السُّلْطَان حَتَّى لايتوحل خفكم فَذهب اليه وَكَانَ رَحمَه الله ينصح للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَيَقُول لَهُ دَائِما ان مطعمك حرَام وملبسك حرَام فَعَلَيْك بِالِاحْتِيَاطِ فاتفق فِي بعض الايام انه اكل مَعَ السُّلْطَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute