وَتَأمل وَقَالَ اوه انها فِي بَيْتِي فَتوجه الامام الى بَيته نَادِما على مُخَالفَته وَرُوِيَ أَنه كَانَ لبَعض ابنائه ولد فَمَرض فِي بعض الايام مَرضا شَدِيدا حَتَّى قرب من الْمَوْت فَذهب وَالِده الى بَيت الْمولى الْمَذْكُور وَهُوَ فِي الْخلْوَة الاربعينية فتضرع اليه بِأَن يذهب الى الْمَرِيض وَيَدْعُو لَهُ فَلم يرض بذلك ثمَّ ابرم عَلَيْهِ غَايَة الابرام فَخرج من الْخلْوَة وَدخل على الْمَرِيض وَهُوَ فِي آخر رَمق من الْحَيَاة فَمَكثَ سَاعَة مراقبا ثمَّ دَعَا لَهُ بالشفاء فَاسْتَجَاب الله تَعَالَى دَعوته حَتَّى قَامَ الْمَرِيض من فرَاشه فَأخذ الْمولى الْمَذْكُور بِيَدِهِ فَأخْرجهُ من الْبَيْت كَأَن لم يمسهُ مرض اصلا وعاش ذَلِك الْوَلَد بعد وَفَاة الْمولى الْمَذْكُور مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ صَار الْمولى الْعَرَبِيّ مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ باحدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ فِي كل جُمُعَة يقْعد فِي الْجَامِع مجْلِس الذّكر مَعَ المريدين لَهُ وَكَثِيرًا مَا يغلب عَلَيْهِ الْحَال فِي ذَلِك الْمجْلس ويغيب عَن نَفسه وَلِهَذَا كَانَ لَا يقدر على الدَّرْس يَوْم السبت ويدرس بدله يَوْم الِاثْنَيْنِ ثمَّ عين لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي آخر سلطنته كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما فَلَمَّا جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة غير ذَلِك وَعين لَهُ خمسين درهما وَكَانَ ذَلِك رغما من جَانب بعض الوزراء فتردد فِي الْقبُول فنصحوا لَهُ فَقبل ثمَّ جعلُوا لَهُ ثَمَانِينَ درهما ثمَّ صَار مفتيا بقسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم مَاتَ وَهُوَ مفت بهَا سنة احدى وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الْعَقْلِيَّة والشرعية سِيمَا الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَعلم اصول الْفِقْه وَكَانَ كتاب التَّلْوِيح فِي حفظه ويدرس مِنْهُ كل يَوْم ورقتين قَالَ الْمولى الْوَالِد كنت فِي خدمته مِقْدَار سنتَيْن وقرأت عَلَيْهِ كتاب التَّلْوِيح من الرُّكْن الاول الى آخر الْكتاب وَكَانَ يمْتَحن الطلاب فِي الْمَوَاضِع المشكلة وَيُصَرح بالاستحسان لمن اصاب قَالَ وَكَانَ رجلا طَويلا عَظِيم اللِّحْيَة قوي المزاج جدا حَتَّى انه كَانَ يجلس عِنْد الدَّرْس مَكْشُوف الرَّأْس فِي أَيَّام الشتَاء وَكَانَ لَهُ ذكر قلبِي كُنَّا نَسْمَعهُ من بعيد وَرُبمَا يغلب صَوت الذّكر من قلبه على صَوته فِي أثْنَاء تَقْرِير المسئلة وَيمْكث سَاعَة حَتَّى يدْفع صَوت قلبه ثمَّ يشرع فِي تَقْرِير كَلَامه وَكَانَ يُجَامع كل لَيْلَة مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute