للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم صلاة الرجل حاسر الرأس]

السؤال

ما حكم صلاة الرجل مكشوف الرأس؟

الجواب

الذي أعتقده الكراهة؛ لأمور منها: أولاً: لأن كشف الرأس هو -أيضاً- من العادات والتقاليد التي تسربت إلى بلاد المسلمين بسبب ممارسة الكافرين لها في بلادنا، وهم أذاعوا عاداتهم وتقاليدهم فيها، وتأثر كثير من المسلمين في تلك البلاد بعد خروج الكافر منها ببعض عاداتهم ومنها حسر الرأس، وإن كانت البلاد تختلف في هذه العادة، فعادة حسر الرأس في سوريا والأردن ومصر أكثر بكثير من البلاد العربية الأخرى، كـ السعودية واليمن والكويت إلخ، فلما كانت هذه العادة ليست عادة إسلامية، فالمفروض أن المسلم يدخل في الصلاة في أحسن زينة؛ لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:٣١] والزينة هنا وإن كانت من حيث سبب نزول الآية تعني ستر العورة، لكن العبرة بعموم اللفظ ولا بخصوص السبب.

وثانياً: قد جاء في السنة الصحيحة ما يؤيد هذا العموم من الآية ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (من كان له إزار ورداء فليتزر وليرتد، فإن الله أحق أن يتزين له) ففي هذا الحديث أن المسلم يؤمر أن يدخل الصلاة في أكمل حالة، في الوقت الذي سئل الرسول عليه الصلاة والسلام: (أيصلي الرجل في ثوب واحد؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أوكلكم يجد ثوبين؟) هذا الحديث يفيد جواز الصلاة في ثوب واحد، وهو الإزار الذي يستر العورة، لكن أيضاً يلمح ويشير إلى أن من يجد ثوبين لا ينبغي له أن يصلي في ثوب واحد، مقتصراً بهذا الثوب على ستر العورة المعروفة أنها عورة في الصلاة وخارج الصلاة؛ بل عليه أن يستر العورة المتعلقة بالصلاة إذا صح تعبيري، وذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء) ولذلك صرح الإمام أحمد أن من صلى مكشوف المنكبين فصلاته باطلة، وهذا حق ندين الله به، لهذا الحديث الصحيح: (لا يصلين أحدكم -نهي عن الصلاة- وليس على عاتقيه من ثوبه شيء) .

وإذا ثبت عموم الأمر بالتزين للصلاة، وثبت أن من عادات المسلمين ستر الرأس وليس الحسر؛ فحينئذٍ نعتقد أن الصلاة بحسر الرأس مكروهة، لا لأن هناك نهياً خاصاً، وإنما لأن فيه مخالفة للعادات التي جرى عليها المسلمون.

ويعجبني بهذه المناسبة وهو نهاية الجواب، ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حجاب المرأة ولباسها في الصلاة، رسالة صغيرة لعلكم وقفتم عليها، ذكر هناك رواية أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى مولاه نافعاً يصلي حاسر الرأس، فقال له: [أرأيت لو أنك ذهبت لمقابلة أحد هؤلاء الأمراء أكنت تقابله وأنت حاسر الرأس؟ قال: لا، قال: فالله أحق أن يتزين له]