[الاشتراك بين صفات الله وبين صفات المخلوقين اشتراك لفظي لا معنوي]
إذاً: الله عالم، والإنسان عالم، نقول: إن الله ليس بعالم؛ لأنه صار هناك اشتراك -بزعمهم- بين الإنسان العالم وبين الرب العالم، وهذا على طريقتهم ليس لهم جواب إطلاقاً! أما على طريقة السلف فنقول: الله عالم علماً ليس كعلم البشر، ومن الواضح أن علم الله ذاتي، أما علم الإنسان فهو اكتسابي، أي: أن الإنسان كان جاهلاً فتعلم، أما الله عز وجل -إن صح التعبير- ففي طبيعة ذاته تبارك وتعالى هو عالم، فلم يكتسب العلم بعد أن كان جاهلاً، كما هو الإنسان.
فإذاً: الاشتراك بالاسم لا يضره، أي: إذا قلنا: إن الله سميع، وقلنا: إن الإنسان سميع، فهذا ليس تشبيهاً؛ لأنه مجرد اشتراك في الاسم.
نحن نقول -مثلاً: الإنسان موجود والحيوان موجود، إذاً: إما أننا رفعنا الحيوان إلى صف الإنسان، أو أننا نزلنا الإنسان من مرتبته التي وضعه الله فيها إلى مرتبة الحيوان، لمجرد الاشتراك في الوجود، والأمر ليس كذلك.
وإنما نقول: وجود الإنسان يتناسب مع إنسانيته، ووجود الحيوان يتناسب مع حيوانيته، كذلك يقال: الجماد موجود فعلاً، فهل وجود الجماد كوجود الحيوان الصامت أو الناطق؟
الجواب
لا.
إذاً: هذا يسميه العلماء: اشتراك لفظي، فوجود الجماد والإنسان والحيوان وخالق الموجودات كلها، هذا كله اشتراك لفظي، أما الحقيقة فلا اشتراك فيها أبداً، فوجود الجماد غير وجود الحيوان حقيقة، ووجود الحيوان الأعجم الذي لا ينطق غير وجود الإنسان الناطق حقيقة، ووجود هذا الإنسان غير وجود الملائكة، ووجود الجن، ووجود هذه المخلوقات كلها غير وجود واجد الوجود سبحانه وتعالى.
كذلك يقال تماماً عن كل الصفات التي يأتي ذكرها في الكتاب والسنة.
فالله يجيء قطعاً؛ لأن النص صريح:{وَجَاءَ رَبُّكَ}[الفجر:٢٢] لكن ليس ضرورياً أن نتصور نحن أنه يأتي على رجليه، أو يأتي على السيارة أو الطيارة.
إلخ مما هو من طبيعة الإنسان، هنا نقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] .
فالمذهب السلفي هو الجمع بين التنزيه وبين الإثبات، نثبت وننزه، أما مذهب المعتزلة ومن تأثر بمذهبهم من الأشاعرة وغيرهم، فهو لما ضاقت عقولهم عن أن يعقلوا أن هناك وجوداً لله عز وجل حقيقياً ينافي وجود المخلوقات، فهم اضطروا أن يقولوا: لا يجيء ما استوى على العرش، ولا ينزل، وليس له يد، ولا يتكلم، وهذه مشكلة أكبر وأكبر بكثير جداً!